(وَقُرُوناً بَيْنَ ذلِكَ كَثِيراً) ممن جاء من بعدهم من الأجيال ، (وَكُلًّا ضَرَبْنا لَهُ الْأَمْثالَ) في ما أردنا تذكيرهم ووعظهم وإرشادهم ليتحركوا في خط التوحيد على هدى الرسالات الإلهية ، ولكنهم لم يصدّقوا الأنبياء ، ولم يلتزموا بالموقف الرسالي الذي يهدي إلى الله سبحانه ، (وَكُلًّا تَبَّرْنا تَتْبِيراً) والتتبير التفتيت الذي هو كناية عن تمزيقهم وإهلاكهم حتى لم يعد لهم أيّ أثر في الحياة ، وقد ورد عن الإمام الصادق عليهالسلام في تفسير الكلمة : يعني «كسّرنا تكسيرا» (١) على لغة النبط ، (وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ) وهي قرية قوم لوط الذين كانوا يمارسون الشذوذ الجنسي ـ المذكر ـ اللواط ـ فأمطر الله عليهم حجارة من سجّيل.
(أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَها) ويشاهدون نتائج التكذيب للرسل وللرسالات ، لأنها تقع في طريق أهل الحجاز إلى الشام ـ كما يقولون ـ. (بَلْ كانُوا لا يَرْجُونَ نُشُوراً) ومعادا في يوم القيامة الذي يواجهون فيه حساب المسؤولية أمام الله. وهذا أوقعهم في الغفلة ، وقادهم إلى العناد والتكذيب ، انطلاقا من شهواتهم الذاتية ، ورفضهم لخط الالتزام الذي يمنعهم من تحقيق مطامعهم التي يحبون ويشتهون. وبذلك كان الإيمان بالمعاد أساسا للشعور العميق بضرورة التوازن في القضايا الفكرية المثارة ، في ما تختزنه من حسّ المسؤولية أمام الله.
* * *
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج : ١٥ ، ص : ٢٢٠.