سلسلة الاجازة منضبطة في سلسلة العلماء الظّاهرة والباطنة (لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) موبقات أنفسهم وقد ورد في تفسير قول النّبىّ (ص): اختلاف أمّتي رحمة ؛ انّه اختلافهم من البلدان اليه (ص) أو الى خلفائه (ع) للتّفقّه لا اختلافهم في الدّين حتّى يكون اجتماعهم عذابا ، ويمكن تصحيح ظاهره بان يكون المراد اختلافهم في كيفيّة التّكليف حيث انّ كلّا مكلّف على قدر مرتبته كما قيل : حسنات الأبرار سيّئات المقرّبين ، وقد ورد في تعميم الآية انّه يجرى في النّفر بعد وفاة الامام (ع) لتعيين الامام الّذى يكون بعده ودرك خدمته وتجديد التّوبة والبيعة معه ، وقد فسّرت أيضا هكذا ، فلو لا نفر من كلّ فرقة طائفة للجهاد واقام طائفة للتّفقّه ليتفقّه المقيمون (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) بالايمان العامّ (قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ) اى يقربون منكم فانّ التجاوز عنهم الى الأباعد لا يرتضيه العقل لانّه إيقاع للأنفس بين الأعداء وترك للاحتياط بالنّسبة الى من خلّفتموه في أوطانكم (وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً) وشدّة بأس حتّى لا يجترءوا عليكم (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) فاتّقوا أغراض النّفس في القتال من المراياة والصّيت والغنيمة تنصروا فهو تخصيص على التّقوى (وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ) عطف على مقدّر كأنّه قال لكن إذا أمروا بالقتال تثبّط بعضهم وإذا ما أنزلت سورة (فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ) استهزاء (أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً) جواب وردّ عليهم من الله (وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) بنزولها لانّهم يرونها نعمة لهم (وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) تعريض بالمنافقين (فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ) شكّا ووسوسة الى شكّهم (وَماتُوا وَهُمْ كافِرُونَ) فاستحقّوا الخلود (أَوَلا يَرَوْنَ) توبيخ لهم على عدم عبرتهم وعدم توبتهم (أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ) بالبلايا في أبدانهم وفي أنفسهم أو يمتحنون بجهاد الأعداء وظهور آثار صدق النّبوّة بغلبتهم مع عدم تهيّة أسباب الغلبة (فِي كُلِّ عامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لا يَتُوبُونَ) من نفاقهم وكفرهم وخديعتهم (وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ) انّ الافتتان من الله وانّه قادر على عذابهم (وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ) ذمّ آخر يعنى أشاروا بأنظارهم استهزاء أو غيظا لما يرون فيها من عيوبهم قائلين (هَلْ يَراكُمْ مِنْ أَحَدٍ) يعنى ان قمتم وصرفتم من هذا المجلس (ثُمَّ انْصَرَفُوا) قاموا من مجلس محمّد (ص) وانصرفوا عنه غيظا (صَرَفَ اللهُ قُلُوبَهُمْ) استيناف ، دعاء عليهم أو اخبار عن حالهم (بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ) لا يدركون إدراكا يوصلهم الى طريق الآخرة ويستعقب إدراكا آخر من امر الآخرة (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ) من جنسكم بشر أو عرب أو إنسان كامل على ان يكون الخطاب للائمّة ، وقرئ من أنفسكم بفتح الفاء اى من أشرفكم (عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ) عنتكم (حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ) على حفظكم وايمانكم (بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) التفات من الخطاب الى الغيبة ، ووضع الظّاهر موضع المضمر اشعارا بعلّة الحكم ، وعلى تخصيص الخطاب بالأئمّة فالتّصريح بالمؤمنين للتّعميم كما ورد عنهم انّ من أنفسكم فينا ، وعزيز عليه ما عنتّم فينا ، وحريص عليكم فينا ، وبالمؤمنين رؤف رحيم شركنا المؤمنون في هذه الرّابعة (فَإِنْ تَوَلَّوْا) عنك وعن الايمان بك (فَقُلْ حَسْبِيَ اللهُ) استظهارا به وبإعانته (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) نفيا للغير فضلا عن الحاجة اليه (عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) من قبيل عطف العلّة.