أو تعليليّة والمعنى لا خير في كثير من النّاس ناشئا من نجواهم أو ليس لهم خير لأجل نجواهم وحينئذ يكون من نجويهم قيدا للنّفى أو للمنفىّ مرفوعا بالنّفى ، وقوله تعالى (إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ) استثناء من كثير بتقدير نجوى من امر بصدقة على الاوّل ، وبدون التّقدير على الأخيرين ، أو الاستثناء منقطع على الوجه الاوّل (أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ) وفسّر المعروف بالقرض فمن امر بالصّدقة في نجواه من حيث انّه امر بالصّدقة كان النّجوى خيرا له وللمأمور وللمأمور له سواء كان نجواه مع غيره والمأمور غيره ، أو كان نجواه مع نفسه بالخطرات والخيالات وكان المأمور نفسه وقد جاء عنهم قراءة قوله تعالى انّما النّجوى من الشّيطان (الى آخر الآية) عند المنامات المشوّشة اشارة الى انّها نجوى الشّيطان ، وروى عن الصّادق (ع) انّ الله تعالى فرض التّجمّل في القرآن فسئل وما التّجمّل؟ ـ قال : ان يكون وجهك اعرض من وجه أخيك لتحمل له وهو قوله تعالى (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ) (الآية) (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ) من قبيل عطف التّفصيل على الإجمال كأنّه قال : ومن يفعل ذلك فله أجر عظيم ، ومن يشاقق الرّسول بنجواه فله عذاب عظيم ومن لم يأمر بالصّدقة ولم يشاقق الرّسول فلا أجر كاملا له ولا عذاب فمن يفعل النّجوى (ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ) خالصا عن شوب رياء وسمعة وعظمة ورفعة بالنّسبة الى المأمور أو المأمور له أو غيرهما (فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) لصرف عرضه أو لتحمّل تعب الإصلاح (وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ) بان يناجي بخلافه ولا يرضى بقوله وينهى عمّا يأمر به كمن تحالفوا في مكّة ان لا يتركوا هذا الأمر في بنى هاشم ومثل من تخلّف عن جيش اسامة (مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى) الرّشاد أو حقيقة الهدى وهي الولاية فانّها تبيّنت بقول الله وقول رسوله (ص) (وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ) بالبيعة الخاصّة الولويّة كسبيل سلمان وابى ذرّ واقرانهما أو غير سبيل المسلمين من حيث إسلامهم فانّ سبيلهم من حيث الإسلام هي السّبيل المنتهية الى الولاية (نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى) نوجّهه تكوينا ما توجّه اليه باختياره من سبيل الجحيم (وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ) لانتهاء سبيله إليها (وَساءَتْ مَصِيراً إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) باعتبار مظهره الّذى هو علىّ (ع) استيناف في موضع التّعليل تعليلا للحكم وإظهارا لانّ مشاقّة الرّسول (ص) في علىّ (ع) والشّرك به شرك بالله (وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) قد مضى الآية بتمام اجزائها سابقا (وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ) باعتبار الشّرك بالولاية (فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً) وصف الضّلال بالبعد باعتبار بعد صاحبه مبالغة (إِنْ يَدْعُونَ) هؤلاء المشركون بالله أو بعلىّ (ع) (مِنْ دُونِهِ) اى من دون الله أو من دون علىّ (ع) (إِلَّا إِناثاً) لانّهم يسمّون أصنامهم إناثا ويقولون : أنثى بنى فلان وأنثى بنى فلان ، أو لانّهم يعبدون نفوسهم الامّارة وهي إناث العالم الصّغير وهي الّتى تمكّن فيها الشّيطان ويأمر وينهى الإنسان ، أو لأنّهم يطيعون ائمّة الضّلالة ؛ وائمّة الضّلالة لكون فعليّاتهم فعليّات النّفوس الامّارة ما بقي لهم جهة رجوليّة لا بالفعل ولا بالقوّة (وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطاناً مَرِيداً) الشّيطان الخارجىّ أو الظّاهر بنفوسهم الامّارة ، والمريد والمارد الخارج عن الطّاعة الّذى لا خير فيه (لَعَنَهُ اللهُ) دعاء عليه أو اخبار بحاله مستأنفا أو صفة أو حالا (وَقالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبادِكَ) اى من كلّ فرد من عبادك أو من مجموع عبادك ، والإتيان بلام القسم ونون التّأكيد للتّأكيد والمبالغة في وقوعه (نَصِيباً