الّتى تسقط تلك العقوبة ، ولمّا كان الخطاب للمؤمنين كان المراد بالوسيلة المعرفة باللّام من يقبل التّوبة بعد الايمان بالرّسول (ص) والتّوبة على يده ، وليس الّا الامام الّذى يدعو بالدّعوة الباطنة الولويّة ولذلك فسّروها بأنفسهم (وَجاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ) كأنّ فيه اشعارا بانّ المجاهدة تكون بعد التّوسّل بالوسيلة ، وامّا قبل الوسيلة فلا سبيل له حتّى يجاهد فيه (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) بهذه الوسيلة وهو في موضع تعليل لابتغاء الوسيلة (لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذابِ يَوْمِ الْقِيامَةِ ما تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) تمثيل للزوم العذاب وشدّته وانّ من ابتلى به لا خلاص له (يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها) لانّ طريق الخروج من النّار منحصر في التّوسّل الى الوسيلة المذكورة ومن كفر به فلا طريق له الى الخروج (وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما) لمّا ذكر حكم المحارب والمفسد في الأرض والكافر ، ذكر حكم السّارق الّذى هو أيضا مفسد لكن لا الى حدّ القتل وشرائط السّرقة المؤدّية الى الحدّ من كونها من حرز وبلوغ المسروق الى ربع دينار وفي غير المجاعة ، وشرائط القطع من الابتداء باليد وانّه لا يقطع الّا الأصابع الاربعة من اليد اليمنى من أصولها ويترك الإبهام ، وانّ الرّجل اليسرى تقطع من دون العقب مذكورة في الكتب الفقهيّة مفصّلة وليس هاهنا مقام تحقيقها وتفصيلها (جَزاءً بِما كَسَبا نَكالاً مِنَ اللهِ) عقوبة منه (وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ فَمَنْ تابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ) بالتّوبة الخاصّة النّبويّة أو الولويّة من قبل قدرة الامام بقرينة السّابق وببيان المعصومين (ع) (وَأَصْلَحَ) بردّ المسروق الى صاحبه فلا حدّ عليه كالمحارب (فَإِنَّ اللهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) تعليل لما قبله (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) لمّا صار المقام مظنّة خطور انّه لا ينبغي ان يسقط الحدّ الّذى ثبت عليه بمحاربته أو سرقته بمحض توبته أجاب عنه بقوله ، (أَلَمْ تَعْلَمْ) ، والخطاب امّا عامّ لمن يتأتّى منه الخطاب أو خاصّ بمحمّد (ص) من قبيل ايّاك اعنى واسمعي يا جارة (يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ يا أَيُّهَا الرَّسُولُ) لمّا ذكر حال المحارب والمفسد في العالم الكبير والعالم الصّغير ، وذكر حال السّارق في العالمين وعقوبتهم وما يسقط العقوبة عنهم من الوسيلة ، صار الرّسول (ص) لكونه رحمة للعالمين محزونا على منافقي أمّته الّذين انصرفوا من الوسيلة وكفروا به ، كأنّهم سارقون صورة الإسلام وسارقون الكلم عن مواضعه وعلى اليهود الّذين سرقوا القول للحكاية لقوم آخرين وسرقوا الكلم عن مواضعه ، على انّ الكلّ بوجه مفسدون في الأرض فناداه تسلية له (ص) بقوله تعالى (لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ) بالوسيلة (مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ) كأنّهم سرقوا الإسلام وأظهروه بلسانهم (وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ) بكثرة ما يقولون الكذب ، فانّ التفوّه بالكذب مستلزم لسماعه أو سمّاعون لقولك ليكذبوا عليك ؛ أو سمّاعون للكذب لا الصّدق لسنخيّتهم للكذب (سَمَّاعُونَ) كلامك لينقلوه (لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ) تكبّرا ومناعة أو حنقا وغيظا (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ) استيناف جواب سؤال مقدّر لبيان حال المسارعين في الكفر واليهود السمّاعين للكذب ، أو صفة لقوم آخرين لكنّ الاوّل أوفق واشمل والمراد بتحريف