«قالوا» أي من تقدم ذكره من المخالفين لنا في صفاته تعالى : «لو كانت» أي صفات الله «هي ذات الله لما وجب تكرير النظر» علينا «بعد معرفتها» كما سبق ذكره عنهم.
«قلنا» في الرد عليهم «ذات الله هي الله» لا غيره ولا بعضه إذ لا يوصف بالبعضيّة إلّا المحدثات «ولم يعرف الله من لم يكرر النظر ، فتكرير النظر لم يكن بعد معرفة ذات الله تعالى حينئذ» كما سبق تحقيقه.
(فصل)
في ذكر الإدراك في حق الله تعالى
قال عليهالسلام : «والله سميع بصير» ولا خلاف في وصفه جل وعلا بذلك وإنما وقع الخلاف في معناه :
فقال «جمهور أئمتنا عليهمالسلام والبغدادية» من المعتزلة «وهما» أي سميع بصير «بمعنى عالم» وكذلك سامع ومبصر ومدرك فإنهما (١) بمعنى واحد في حقه تعالى أي عالم ، عبّر الله سبحانه عن علمه بالأصوات وما شابهها ممّا يدركه المخلوق بحاسّة السمع بكلمة سميع وعن علمه بالأشخاص والهيئات وما شاكلها مما يدركه المخلوق بحاسّة البصر بكلمة بصير ، لمّا كان المخلوق لا يعقل إدراك الأصوات ونحوها إلّا بحاسّة السمع ولا يدرك الأشخاص ونحوها إلّا بحاسّة البصر ، فأجرى الله سبحانه كلمة سميع وبصير على إدراكه للمسموع والمبصر أي علمه بهما على سبيل التّوسّع والمجاز تحقيقا لما يعقله المخلوق لاستحالة الإدراك الحقيقي في حقه تعالى إذ لا يكون إلّا بحاسة ، والله يتعالى عنها.
وقال «بعض أئمتنا عليهمالسلام» وهو الإمام المهدي أحمد بن يحيى عليهالسلام «وبعض» متأخري «شيعتهم والبصرية» من المعتزلة «بل» هما «بمعنى حيّ لا آفة به» فوصفه جل وعلا عندهم بأنه سميع بصير بمعنى حيّ لا آفة به ، وقالوا : الإدراك أمر زائد على كونه تعالى عالم ، ثم اختلفوا في
__________________
(١) (ب) فإنها.