أمور الدين أو الدنيا أو السهو أو الذهول «مع بقائه» أي مع بقاء العقل «فملتزم» أي نحن نلتزمه وهو «غير قادح» علينا فيما ذكرنا أن العقل عرض «كذهاب المشاهدة» أي ذهاب إدراك الشيء المرئي «عند غيبوبة المشاهد» أي المرئي «مع بقاء المعنى» الذي يدرك به «في الحدق» وكذهاب الشم عند غيبوبة المشموم ونحو ذلك لأنّ هذا ليس من قبيل العلّة والمعلول كما زعموه في العلل العقلية.
فإن قيل : إذا ثبت أنّ العقل غير الضرورية وأنه عرض حالّ في القلب كما سيأتي فما آية تمامه وكونه حجة على الإنسان لأنه لا خلاف أن الأطفال لا تتم عقولهم في المهد؟
الجواب والله الموفق : أنّ آية تمامه في الإنسان معرفة استحسان الحسن واستقباح القبيح ، فمتى عرف الإنسان ذلك تمت حجة الله عليه في العقليات ، لأنّ ذلك هو المقصود من فطرة العقل ، والأغلب أن ذلك يكون وقت بلوغ الإنسان كما أشار إليه الإمام القاسم بن علي العياني عليهالسلام وغيره.
(فصل)
في التحسين والتقبيح العقليّين
هذه المسألة أصل مسائل العدل وهي قاعدة الخلاف بيننا وبين المجبرة.
فإذا وافقونا فيها لزمهم الوفاق في جميع مسائل العدل ، ولهذا ترى المجبرة في هذه (١) المسألة ينكرون الضرورة لئلّا تنخرم قاعدتهم ، قالوا : وكيف يكون للعقل مجال وقد ظهر أن العبد غير مختار في فعله ولا مستبد بتحصيله ، وسيأتي الرد عليهم إن شاء الله تعالى.
«و» اعلم «أنه يستقل العقل بإدراك الحسن والقبح» أي يدركهما العقل بالاستقلال «باعتبارين» أي بالنظر إلى جهتين «اتّفاقا» أي بيننا وبين الأشعرية وغيرهم.
__________________
(١) (أ) ناقص في هذه المسألة.