ولو جوزنا حصول أعواضها في الدنيا لكان إيلامها بالموت ظلما ، ولجوّزنا ذلك في حق المكلفين أيضا ، ولو جاز في حقهم لم يعلم أن الواصل إليهم في الدنيا عوض عن آلامهم ولكان إيلامهم بالموت ظلما.
وأما أنها تصير بعد انقطاع عوضها ترابا بغير ألم فلا دليل عليه والله أعلم.
واعلم : أنه لا تناصف بين الأطفال والمجانين وكذلك سائر ما لا يعقل كما ذكره الإمام عليهالسلام وفاقا للإمام يحيى عليهالسلام والإمام المهدي عليهالسلام وأبي القاسم البلخي وأبي الحسين ومحمود بن الملاحمي لأنّ سلب العقول كالإباحة كما سبق ذكره.
وقال أكثر المعتزلة : بل يناصف الله بينهم. لنا ما مر.
«تنبيه» : لا بدّ أن يكون العوض بالغا مبلغا بحيث لا يختلف حال العقلاء في اختيار الألم لمكانه.
وهل يجوز توفيره على صاحبه في الدنيا ذهب الإمام يحيى عليهالسلام وصاحب الكشاف : إلى أنه يجوز أن يعجل الله سبحانه عوض بعض المؤمنين فيوفّره عليه في الدنيا ، ويجوز أن يؤخّره إلى الآخرة (١) فيوفّره مع ثوابه بحيث يتميّز أحدهما عن الآخر ويعلمه ، ويجوز أن يوفر بعضه في الدنيا وبعضه في الآخرة.
قالوا : فهذه الوجوه لا مانع منها في العقل.
قلت : أمّا توفيره كله في الدنيا فلا يجوز لتأديته إلى أن يكون إيلامه بالموت ظلما ، وأما بعضه فمحتمل والله أعلم.
(فصل)
«والأجل» في الاصطلاح : «وقت ذهاب الحياة» أي خروج الرّوح من جسد الحيوان.
__________________
(١) (ض) دار الآخرة.