وأمّا كونهم شهود (١) الزور : فإن الله سبحانه إذا سأل الشياطين : لم أضللتم العباد؟
قالوا : أنت الذي أضللتهم وأغويتهم ، ثم لا يجدون من يشهد لهم على ذلك إلّا المجبرة ومن وافقهم من المجوس.
وأما كونهم جنود إبليس : فهم الذين يتعصّبون لإبليس ويحتجّون له على مقالته : (رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي) (٢) تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا.
(فصل)
قالت «العدلية : والله تعالى عدل حكيم» لفظا ومعنى «لا يثيب أحدا إلّا بعمله ولا يعاقبه إلّا بذنبه».
حقيقة الثواب : المنافع المستحقّة على وجه الإجلال والتعظيم.
وحقيقة العقاب : هو المضار المستحقة على وجه الإهانة. هكذا ذكروه.
وقالت «المجبرة» كافة بل الله سبحانه عدل حكيم لفظا لا معنى لأنه «يجوز أن يعذب الأنبياء ويثيب الأشقياء».
ويجوز أن يخلق حيوانا في نار جهنم يعذبه ابتداء من غير استحقاق ، قالوا : وهذا عدل منه تعالى لأنه مالك يفعل في ملكه ما شاء ، أو لأنه لا يأمره ولا ينهاه أحد فلا يقبح منه شيء.
«قلنا» ردّا على المجبرة : «من أهان وليّه» وهو من المخلوقين المحتاجين بأن عاقبه وأنزل الضّرر به «وأعزّ عدوّه» بأن أثابه وعظّمه «فلا شك في سخافته» أي نقصه وقلّة عقله ، وتعظيم من يستحق الإهانة وإهانة من يستحق التعظيم صفة نقص لا شك فيها فكيف بها في حق رب العالمين الذي هو أعلم العلماء بقبح القبائح ، وأغنى الأغنياء عن كل حاجة؟
«والله سبحانه يتعالى عن ذلك» وعن كل صفة نقص.
__________________
(١) (ب) شهدا.
(٢) الحجر (٣٩).