«و» ما «قال» جل وعلا «حاكيا» عن الجن الذين استمعوا (١) القرآن «ومقررا» لقولهم (وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا) (٢) أي تعالى شأنه وسلطانه «ما اتخذ صاحبة ولا ولدا» أي تنزه عن ملامسة النساء وطلب الولد.
«و» ما «قال تعالى» (وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَناتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَصِفُونَ بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ «أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صاحِبَةٌ») «وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٣).
«وقال تعالى : (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً) (٤) «وقد صح» القرآن والاستدلال به «بما يأتي» في كتاب النبوءات إن شاء الله واعلم : أنه يجوز الاستدلال بالقرآن على تنزيه الله تعالى ووحدانيته ونفي التشبيه عنه اتفاقا.
(فصل)
قال المسلمون وأكثر أهل الملل الكفرية :
«والله تعالى لا يجوز عليه الفناء» والفناء هو ضد البقاء «لأن الفناء لا يكون إلّا بقدرة قادر إذ لا تأثير لغير القادر كما مر في فصل المؤثرات» لأنه إعدام الموجود فهو فعل يتعلق بالموجود لإعدامه ولا بد للفعل من قادر «والله تعالى ليس من جنس المقدورات» لأنّ المقدورات كلها إنما هي أجسام وأعراض فقط «فلا تعلّق به» جل وعلا «القدرة لما مر» من أنه ليس بجسم ولا عرض فاستحال عليه الفناء سبحانه وتعالى.
وقال «بعض العليّة» وهم من زعم أن للعلّة تأثيرا كتأثير الفاعل وهم بعض المعتزلة الذين زعموا أن العلل تؤثر في الصفات والأحكام فقالوا : «بل لأنّ ذاته» تعالى «أوجبت وجوده» وكذلك أيضا أوجبت قادريته وعالميته وحييته «والذات» أي ذاته تعالى «ثابتة في الأزل وهو» أي الوجود أمر زائد عليها كما مر لهم وهو «لا يتخلف عنها» أي عن الذات «كما مر لهم» في الصفات
__________________
(١) يستمعون.
(٢) الجن (٣).
(٣) الأنعام (١٠٠ ، ١٠١).
(٤) الإسراء (١١١).