والمؤثرات فلزم من ذلك وجوده تعالى في الأزل واستحالة الفناء عليه لوجود العلة المقتضية لوجوده تعالى في الأزل واستحالة الفناء عليه.
«لنا ما مر» عليهم من أنه لا تأثير للعلة وأن صفات الله سبحانه هي ذاته وأن وجود الموجود هو الموجود لا غيره ، «وإن سلّم» ما ادعوه على استحالته «لزم وجود سائر الذوات» أي ذوات الأجسام «بذلك الإيجاب» الذي زعموه وهو إيجاب الذوات للصفات والأحكام «عندهم» وإنما لزمهم ذلك «حيث جعلوها» أي الذوات «ثابتة في الأزل» ولا يعقل الفرق بين الثبوت والوجود «إذ هو» أي تأثير العلّة بزعمهم تأثير «إيجاب بلا اختيار» كما سبق لهم أن العلة توجب المعلول وتقارنه ولا اختيار لها «فما وجود بعض الذوات به» أي بذلك الإيجاب حيث جعلوه مختصّا بالباري تعالى عن ذلك علوّا كبيرا «أولى من بعض» وهو سائر ذوات الأجسام والأعراض إذ لا اختيار للعلة «كما مر» لناعليهم في فصل المؤثرات «ولزم عدم فنائها» أي سائر الذوات «كذلك» أي كما قالوا في ذات الله تعالى «وذلك» أي عدم فنائها «باطل» معلوم بطلانه ضرورة «بما سيأتي إن شاء الله تعالى» في فصل فناء العالم.
«ولزم أيضا» من قولهم ذلك «أن يكون لله تأثيران» اثنان مختلفان : «تأثير اختيار وهو خلقه لمخلوقاته» فإنه خلقها جل وعلا اختيارا «وتأثير اضطرار» أي يكون مضطرّا إليه غير واقف على اختياره «وهو إيجاب ذاته لصفاته» بزعمهم ، ومن جملة صفاته كونه موجودا «ولا يضطر إلّا المخلوق» إذ الضرورة تستلزم الحاجة ولا تجوز الحاجة على الله تعالى.
وقالت «المقتضية» وهم من أثبت تأثير المقتضى وهو الصفة الأخص وهم أبو هاشم ومن تابعه : «بل» إنما لم يجز عليه تعالى الفناء «لأنّ المقتضي» وهو الصفة الأخص «أوجبت وجوده تعالى كما مر» لهم حيث زعموا أن الصفة الأخص اقتضت صفاته الأربع.
«لنا» عليهم «ما مر» من أنّ المقتضى لا تأثير له ولا وجود له أيضا فضلا عن تأثيره.