وقد منع أكثر المتكلمين عن أن يكون العلم بالله ضروريّا في الدنيا مع استكمال التكليف وهذا لا مانع منه ... إلى آخر كلامه عليهالسلام تركته لطوله وقد استوفيناه في الشرح.
(فصل)
«والدليل لغة» أي في لغة العرب «المرشد» أي الموصل إلى المطلوب ومنه دليل القوم في الطريق «و» هو أيضا في اللغة «العلامة الهادية» إلى المطلوب كالنّصب والجبال والنجوم وهذا كالتفسير للأول.
«واصطلاحا» أي في اصطلاح أهل علم الكلام وغيرهم «ما به الإرشاد» أي الظفر بالمطلوب «النظري» أي الحاصل عن نظر وتفكر ليخرج نحو وجدان الضّالة بتتبع الأثر «ويمتنع معرفة ما لا يدرك ضرورة» أي بضرورة العقل يمتنع معرفته «بلا دليل» يدل عليه «لعدم الطريق إليه» إذ ما لا يعرف ضرورة لا يعرف إلّا بالنظر والاستدلال ، والنظر والاستدلال متوقف على الدليل «فمن ادّعى شيئا» لا يدرك ضرورة «ولم يذكر الدليل عليه فإن كان دليله» أي دليل ذلك الشيء «ممّا شأنه لو كان» أي لو ثبت في الحقيقة وفي نفس الأمر «لظهر لجميع العقلاء» ولم يختص به بعضهم لعموم التكليف بمعرفته في العلم والعمل «كمن يدّعي كون الصنم إلها» إذ لو كان الصنم إلها لظهر الدليل على ذلك لجميع العقلاء لوجوب معرفة الإله وشكره وطاعته عليهم جميعا «أو» كان دليل ذلك الشيء ممّا شأنه لو كان لظهر «لأهل الملّة» الإسلامية لعموم تكليفهم به أيضا علما أو علما وعملا «كمن يدّعي» وجوب «صلاة سادسة» فإن التكليف بها علما وعملا يعم جميع أهل الملّة الإسلامية ، فلو كان عليها دليل لم يخف عليهم ، فإذا كان ذلك الشيء المدّعى كما ذكرنا «فهو باطل قطعا» للقطع «بعدم الدليل عليه وإلّا لظهر لجميع العقلاء في الأول» أي في دعوى الصنم «ولأهل (١) الملّة في الثاني» أي في دعوى الصلاة السادسة لأنه لو لم يكن كذلك وجوّزنا دليلا خافيا لم يظهر لجميع العقلاء أو
__________________
(١) (أ) أو لا أهل الملة.