«ما لم يصر» ذلك المتقدم» في حكم المنسي» فلا يسمى لطفا حينئذ لبطلان حقيقته «خلافا لأبي علي» في المسألتين معا فقال : لا يجوز أن يكون فعل زيد لطفا لعمرو ، ولا يجوز تقدم اللطف بأكثر من وقت واحد وهو وقت الدعاء الذي لا تعقل اللطفية إلّا به.
قال : إذ يجب أن يقع اللطف على أبلغ الوجوه في اللطفية.
«لنا» حجة عليه : حصول الالتطاف بالمواعظ» والخطب ونحوها والتذكير بالأمم الماضية وما نزل بهم من الهلاك «وهي فعل الغير» أي غير الملتطف بلا شك وإلّا فما فائدة الوعظ والتذكير «و» كذلك يحصل الالتطاف «بأموات القرون الماضية وتهدّم مساكنهم» فإنه يحصل بذلك عبرة للمعتبر وتذكرة للمدّكر «وهي» أي القرون الماضية «متقدمة» بأوقات كثيرة.
(فصل)
[وما يفعله الله قطعا لا يقال بأنه واجب عليه لإيهامه التكليف] «وما يفعله الله تعالى» من المصالح الدينية والدنياوية «قطعا» أي علمنا أن الله سبحانه يفعله قطعا لأنه جل وعلا أخبرنا بذلك وقضت به حكمة العدل «لا يقال : بأنه واجب عليه لإيهامه التكليف» أي لإيهام كون الله جل وعلا مكلّفا بذلك الواجب ، لأنّ الوجوب فيه تحميل الكلفة والمشقّة ، وما أوهم الخطأ لم يجز إطلاقه على الله تعالى «ولأن الطاعات» لله سبحانه وتعالى شكر» له جل وعلا «لما يأتي إن شاء الله تعالى» في كتاب النبوءات.
«فالثواب» حينئذ «تفضّل محض» أي خالص عن شائبة الوجوب وإن كان في مقابلة الطاعة على سبيل التفضل من الله سبحانه حيث جعله في مقابلة عمل يسير.
وهو في الحقيقة شكر له تعالى لأنه لا يجب على المشكور على النعمة السالفة نعمة أخرى توازي شكر الشاكر له «ولأنّ خلقه تعالى للحيوان» على اختلاف أجناسه «كإحضار» قوم «محتاجين إلى الطعام وإعداده تعالى للجزاءللمكلفين كنصب مائدة سنيّة» أي عظيمة فيها من ألوان الطعام ما يعجب ويرغّب «وامتحانهم» أي امتحان المكلفين بالتكليف والآلام والمحن ونحو ذلك