«وأيضا» إن أريد بالكفر جحد ما جاء به النبيء صلىاللهعليهوآلهوسلم فإنّا نقول : «لم يكلّف أبو جهل بالعلم بأنه كافر» أي جاحد ما جاء به النبيء صلىاللهعليهوآلهوسلم «لحصوله» أي الجحد «عنده» أي عند أبي جهل «بسبب كفره» فهو عالم بأنه جاحد لما جاء به النبيء صلىاللهعليهوآلهوسلم «ومنكر» لشرعه.
وإذا كان كذلك كان تكليفه بأن يعلم ذلك محالا «إذهو تحصيل الحاصل وتحصيل الحاصل محال ، وكذلك أمر الحكيم به» أي بتحصيل الحاصل «محال» أيضا فلا يأمر به تعالى لأنه ينافي الحكمة «فثبت أنه لم يكلّف» أبو جهل وأبو لهب وسائر الكفار والفساق «إلّا بالإيمان بالله فقط» لا بالعلم بأنهم من أهل النار ، ولا بأنهم جاحدون للرسل وذلك واضح.
قال عليهالسلام : «مع أن ما ذكره الأشعري» من تكليف ما لا يطاق «ردّ لقوله تعالى : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) (١) ونحوها» كقوله تعالى : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها) (٢) وغير ذلك ، وذلك تأكيد لدلالة العقل ومن ردّ آية من كتاب الله فلا شك في كفره.
(فصل)
في الألطاف
الوجه في ذكرها : كونها من تفضّلات الله تعالى التي فيها غاية الإحسان والحكمة كأصل التكليف.
«واللّطف» في اللغة بمعنى اللّطافة وهي نقيض الكثافة وهما من صفات الأجسام ، واللطف في عرف اللغة ما قرّب من نيل الغرض وإدراك المقصود حسنا كان أو قبيحا.
وأما في الاصطلاح فهو «تذكير» للمكلف «بقول أو غيره حامل» ذلك القول أو غيره «على فعل الطاعة أو ترك المعصية» لأجل كونها طاعة أو معصية
__________________
(١) البقرة (٢٨٦).
(٢) الطلاق (٧).