الحسن «الأشعري» بجوازه جريا على قياس مذهبهم فقال : «بل كلّف الله أبا جهل» اللّعين واسمه : عمرو بن هشام وكنيته أبو الحكم «ما لم يطق» وذلك «حيث أمره» أي أمر أبا جهل «أن يعلم ما جاء به النبيء صلىاللهعليهوآلهوسلم وبالإيمان معا» أي أمره بهما معا.
«ومن جملة ما جاء به النبيء صلىاللهعليهوآلهوسلم الإخبار» من الله سبحانه «بأنه» أي أبا جهل «كافر» أي يموت على الكفر فيستحق دخول النار.
«فإعلامه» أي إعلام أبي جهل «به» أي بكونه يموت كافرا فيستحق النار «تكليف» من الله تعالى لأبي جهل ، «ويلزم» منه «التكليف بلازمه وهو الكفر» ليكون الإخبار من الله سبحانه بأنه يموت كافرا مطابقا للواقع وإلّا كان كذبا أو كان كاشفا عن الجهل في حقه تعالى وكلاهما لا يجوزان على الله تعالى ، وحينئذ يكون هذا تكليفا له بالكفر «مع الإيمان ، والجمع بينهما لا يطاق».
«والجواب» عن ما زخرفه الشقي الغوي «والله الموفق» إلى الصراط السّوي والمنهج الرضي أن نقول : لم يكلّف أبو جهل أن يعلم أنه كافر من أهل النار كما لم يكلف أن يعلم أن في المدينة منافقين مردوا على النفاق ، وكما لم يكلف أن يعلم أنّ امرأة لوط من أهل النار وامرأة فرعون من أهل الجنة ، وأن الله سبحانه أغرق فرعون وخسف بقارون وغير ذلك وقد جاء بذلك النبيء صلىاللهعليهوآلهوسلم فمن أين علمت يا ضلّيل أنه كلّف أن يعلم أنه من أهل النار.
وأيضا : «إن كفر أبي جهل» لعنه الله «سبب للإعلام» من الله سبحانه «بأنه كافر ضرورة«أي علمنا ذلك ضرورة وقد فعله أبو جهل باختياره له وتأثيره له على الإيمان من غير مانع ولا حائل بينه وبين الإيمان ، فلو آمن أبو جهل لكان الله تعالى يعلم منه الإيمان لأنّ علم الله سبحانه سابق للمعلوم غير سائق إليه ولا مؤثر فيه وهذا واضح «لا» كما عكّس الغوى من «أن ذلك الإعلام سبب لحصول كفره» لأنه لا تأثير لعلم الله تعالى في حصول الكفر ولا الإيمان من العبد البتّة «وإذا لم يكن» الإعلام «سببا» لكفره «لم يلزم التكليف» من الله تعالى لأبي جهل «بالكفر» بل حصل منه الكفر باختياره واتّباع هوى نفسه.