فحسن في الحكمة أن يجري الله العادة فيما يحدثه على وجه يكون ادّعا للمكلف إلى الصالحات.
وقد علمنا أن المكلف إذا علم أنه لا يحصل على ما ينتفع به من ثمار وزروع إلّا بتحمل مشاقّ من زرع وسقي ثم الحصاد في موضع قد حميت الشمس عليه ورأى ذلك حسنا في عقله لما يرجو من نفعه ، علم إذا نظر وفكّر أنّ تحمل المشاق في طاعة الله تعالى لنيل الثواب أولى ، مع ما أعدّ الله له من الثواب الجزيل على تحمل المشاق في ذلك ، وغير ذلك من أنواع الحكمة.
(فصل)
قال «جمهور أئمتنا عليهمالسلام» وهم جميع المتقدمين منهم وبعض المتأخرين «والملاحميّة» وهم أصحاب محمود بن الملاحمي ومتابعوه : «وصفات الله تعالى هي ذاته» لا غير ذلك وذلك بناء منهم على ما اقتضاه دليل العقل والنقل والسمع :
أما العقل والنقل فإن المعلوم من لغة العرب أن الوصف والصفة هو المعنى القائم بالجسم كالعلم القائم بالإنسان ، ولمّا كان هذا مستحيلا في حق الله تعالى [لاستحالة (١) كونه تعالى] حالّا أو محلولا ، وقد ثبت أنه تعالى قادر وعالم وحيّ وموجود كانت صفاته هي ذاته تعالى لا غير.
وأما السمع : فقوله تعالى (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) (٢) ... الآية.
وقول علي عليهالسلام : (باينهم بصفته ربّا كما باينوه بحدوثهم خلقا فمن وصفه فقد شبّهه ومن لم يصفه فقد نفاه ، وصفته أنه سميع ولا صفة لسمعه).
وقوله عليهالسلام : وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه بشهادة كل صفة أنها غير الموصوف ، وشهادة كل موصوف أنه غير الصفة فمن وصف الله
__________________
(١) (أ) ناقص لاستحالة كونه تعالى.
(٢) الشورى (١١).