والجوالقي في التجسيم وفي الوصف بالأعضاء والجوارح تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا.
«قلنا : لو كان تعالى جسما لكان محدثا كسائر الأجسام لحصول دليل الحدوث فيه» وهو أثر التدبير ومقارنته للعرض الحادث «مثلها» أي مثل سائر الأجسام «وقد مرّ الدليل على أن الله تعالى ليس بمحدث و» أيضا «قال الله تعالى : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١) فنفى سبحانه وتعالى مماثلته لشيء من الأشياء.
(فرع)
قالت «العترة عليهمالسلام وصفوة الشيعة والمعتزلة وغيرهم» من أهل الملّة «والله ليس بذي مكان» يشغله ويتمكن فيه ولا ذي انتقال من جهة إلى جهة لأنه لا يعقل حاصلا في الجهة إلّا ما كان جسما أو تابعا للجسم لا ينفك عنه كالعرض وذلك من خصائص المحدثات وأيضا فإن المكان والجهة محدثان مخلوقان والله سبحانه الأول والآخر وقالت «المجسّمة» وهم من تقدم ذكره آنفا «بل» هو تعالى «على سرير» مستقر عليه.
وقالت «الكلابية» من المجبرة «بل» هو «عليه» أي على السرير وهو العرش «بلا استقرار» اغترارا أيضا بظاهر قوله تعالى : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) (٢).
وقال «بعض الكرامية» إنه تعالى «بجهة فوق» قال الإمام يحيى عليهالسلام : اختلف القائلون بالجهة فمنهم من قال إن ذاته تعالى كائنة في كل مكان وإنه فضاء لا نهاية له قلت: وهؤلاء هم عباد الأهوية لاعتقادهم أن الهوى هو ربهم قالوا : لأنه محيط بالأشياء فيه كل شيء وهو مع كل شيء ، قالوا : وجدنا فيه الحياة وعند انقطاعه الموت قال منهم من قال إنه تعالى في جهة دون جهة ومكان دون مكان ثم اختلفوا فمنهم من قال إنه بجهة فوق لا
__________________
(١) الشورى (١١).
(٢) طه (٥).