الغني عن كل شيء.
«و» مع ذلك هو «تزكية لإبليس لعنه الله» وجنوده «كما مر» لهم وقد عرف بحمد الله فساد عقائدهم وبطلان أقوالهم وتهافتهم في الضلال واجترائهم على الله ذي الكبرياء والجلال.
واعلم : أن هذه الكلمات ونحوها من المتشابه يجب ردها إلى المحكم كما قال تعالى : (هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ) ولا يجوز أن يطلق على الله سبحانه وتعالى منها شيء إلّا مع قرينة صارفة عن إرادة الخطإ ونسبة النقص إليه سبحانه وتعالى.
وكذلك غيرها من سائر الكلمات المشتركة بين معان لا يجوز إطلاق بعضها على الله تعالى.
(تنبيه): لمّا سبق ذكر : الاختبار والابتلاء في أثناء ما تقدم وكان معناهما في اللغة أن يتصفح الجاهل أحوال المختبر والمبتلى ويعرف ما يؤول إليه أمرهما ، وكان هذا المعنى لا يجوز على الله سبحانه وتعالى لأنه عالم الغيب والشهادة أراد عليهالسلام أن يبيّن معنى الاختبار والابتلاء في حق الله سبحانه وتعالى فقال :
«تنبيه» : «أعلم : أن من الناس من يعبد الله على حرف» أي على طرف من الدين غير متمكّن فيه ، وهذا تمثيل لمن قعد في طرف جبل أو هوّة غير متمكن في قعوده بحيث أن أقل محرك له يزعجه فيوقعه في الهلاك «فإن أصابه خير اطمأن به» وثبت على دينه «وإن أصابته فتنة» أي فقر أو سقم أو نقص مال أو ولد «انقلب على وجهه» أي ارتدّ عن الإسلام وتشاءم به فذلك الذي «خسر الدنيا والآخرة ، ومن الناس» من هو «مثل ما قال الله سبحانه (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍ) أي كثير من الأنبياء «قاتل معه ربّيون كثير» الربيون والربانيون هم العلماء لأنهم يقضون بعلم الرّبّ (فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ..) الآية (وَما ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكانُوا وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ) (١) أي ما ضعفوا عن الاستمساك بدينهم مع ما حصل في أصحابهم من القتل والاستضعاف بل
__________________
(١) آل عمران (١٤٦).