شيئا واحدا وهم اليعقوبية ، ثم اختلفوا أيضا :
فبعضهم قال : وحدة نوعيّة. وبعضهم قال : حقيقية إلى غير ذلك من الاختلاف الباطل الذي لا حقيقة له.
وقالت «الصوفية» بل اتحد بالبغايا والمردان فصار إياهم تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا» وقد تقدم مقالة الصوفية أنهم يقولون : إن الله يحل في الصورة الحسنة ومن جملتها البغايا والمردان لعنهم الله تعالى.
«قلنا : ذلك» الذي زعمتم أن الله تعالى اتحد به «محدث» حدث بعد العدم علم ذلك ضرورة «والله تعالى ليس بمحدث لما مر فصيرورته تعالى محدثا محال» لأنهما شيئان متضادّان بينهما كمال الاختلاف فلو جاز اتحادهما لكان القديم محدثا والمحدث قديما وذلك محال.
وأما من قال : إنهما اتحدا مشيئة فهو باطل أيضا لأن إرادة المسيح عليهالسلام الضمير والنية ، والله سبحانه مريد لا بإرادة فيستحيل أن يتحد شيء بلا شيء ، وقد نادى الله سبحانه وتعالى على بطلان قول النصارى والصوفية حيث «قال تعالى : (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ) وَأَضَلَّهُ اللهُ عَلى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (١). ولا شك أنهم ممن اتبع هواه وكابر عقله ورفض هداه.
(فرع)
«والله تعالى لا تحلّه الأعراض» لأنّ المحلول لا يكون إلّا جسما كما أن الحالّ لا يكون إلّا عرضا والله سبحانه يتعالى عنهما «خلافا لمن قال : حدث أهرمن من فكرة يزدان الرّديّة» وهم قوم من المجوس يقولون : إنّ يزدان وهو القديم تعالى عندهم لما استتب له الأمر تفكّر في نفسه فقال : لو كان لي مضاد ينازعني كيف كان يكون حالي معه ، فحدث من فكرته هذه الردية أهرمن وهو الشيطان ولهم خرافات لا ينبغي تسطيرها.
__________________
(١) الجاثية (٢٣).