ثم يقال : هل وقفوا من معرفة الله سبحانه وما يحق له جل وعلا من الأسماء والصفات وما يجب أن ينفى عنه على ما يجب عليهم أو لا؟ إن وقفوا على ذلك ارتفع الخلاف في المعنى ، وإن لم يقفوا على ذلك فلم يعرفوا الله حق معرفته ، فينظر في ذلك والله أعلم.
قال عليهالسلام : «بخلاف المجبرة فإنهم جهلوا بالله سبحانه حيث أثبتوا له أفعالا قبيحة لا تتلاشى» أي لا تبطل عندهم ولا يمكنهم الرجوع عنها عند البيان والمناظرة من نسبة الظلم إليه تعالى عن ذلك وخلف الوعد والوعيد وعقاب من لا يستحق العقاب وإثابة من لا يستحق الثواب «فكفروا بذلك» أي بجهلهم بالله تعالى «وسبّوا الله تعالى بنسبتها إليه» تعالى عنها «عمدا حيث نبّههم علماء العدلية في كل أوان» وأقاموا لهم الحق بالبراهين الواضحة فكابروا وعاندوا «فكفروا أيضا» مرة ثانية «بذلك» أي بسب الله سبحانه وتعالى.
(فصل)
أي لا مشارك له في الإلهية والربوبية إذ هو الواحد الذي ليس كمثله شيء ، ومعنى الواحد في حقه المتفرد بصفات الكمال «خلافا للوثنية» وهم عباد الأوثان وهي الأصنام على اختلاف طبقاتهم لتقربهم إلى الله زلفى بزعمهم «والثنوية» وهم من أثبت مع الله إلها غيره وهم فرق :
منهم من زعم أن العوالم كلها محدثة الصورة قديمة المواد وأن النور والظلمة قديمان وأن العالم ممتزج منهما «والمجوس وبعض النصارى» أما الثنوية فزعموا عن آخرهم أن حصول العالم وتكوينه من امتزاج النور والظلمة وأنهما كانا في الأصل متباينين (١) لا ثالث لهما ثم امتزجا في أنفسهما فكان حصول هذا العالم من امتزاجهما ، حكى هذا عنهم الإمام يحيىعليهالسلام في الشامل وقد بسطنا شيئا من أقوالهم في الشرح.
قال : وأما المجوس فقد دانوا بأن لهذا العالم صانعا قادرا عالما حيّا ولهم أقاويل مضطربة وهم ثلاث فرق :
__________________
(١) (ض) قديمين متباينين.