الأولى : زعموا أن النور قديم لم يزل وحده وأنه ذو أشخاص وصور وأن جميع الخير والصلاح والمنافع كلها من جهته وسمّوه يزدان ، وأن الشيطان متولد من شك عرض له ، وقالوا : إن جميع المضار والشرور والقتل والفساد كلها من الشيطان وسمّوه أهرمن ثم اختلفوا في كونه جسما ومحدثا فالأقلّون منهم زعموا أنه قديم والأكثرون منهم ذهبوا إلى أنه محدث وأنه جسم ثم اختلفوا :
فمنهم من قال : إنه حدث من شك عرض ليزدان وفكرة ردية.
ومنهم من زعم أنه حدث من عفونات الأرض.
والفرقة الثانية : زعموا أن النور في الأزل كان خالصا ثم امتسخ بعضه فصار ظلمة فلما رآها النور كرهها وذمّها ، وقالوا : إن الشيطان متولد من تلك الظلمة التي كانت ممسوخة من النور وأضافوا إلى النور جميع الخير والصلاح ، وأضافوا إلى الشيطان جميع المضار والفساد.
الفرقة الثالثة : زعموا أن النور والظلمة قديمان كلاهما وزعموا أنه كان بينهما خلا كانا يجولان فيه ويختلطان بسببه إلى غير ذلك من الخرافات التي لا يقبلها أهل الجنون فضلا عن أهل العقول وقد ذكرنا بعضها في الشرح.
وأما النصارى : فقال الإمام يحيى عليهالسلام : حكى نقلة المقالات : أن مذاهبهم لا تنضبط ولا تنحصر مع تناقضها ، قال : وهم على ما اشتهر عنهم أربع فرق :
الأولى : الملكانية وهم أقدم فرق النصارى مذهبا وقد قالوا : بأن الله تعالى واحد بالجوهرية ثلاثة بالأقنومية وأن الاتحاد لعيسى عليهالسلام ما كان من حيث أنه إنسان معيّن بل إنما وقع الاتحاد بالإنسان الكلي.
الثانية : اليعقوبية وهم القائلون بأن الاتحاد إنما كان من حيث الذات حتى قالوا : المسيح (١) جوهر من جوهرين وأقنوم من أقنومين ناسوتي ولاهوتي
__________________
(١) (ض) إن المسيح.