بمعنى أنه شاغل لجهة فوق ومنهم من قال إنه تعالى بجهة فوق العرش مماسّ للعرش قال : والقول بكونه تعالى بجهة إمّا على جهة المماسة للعرش وإمّا على جهة المباينة لذاته للعرش لبعد متناه وهو مقالة الكراميّة فإن مقالتهم لا تخلو عن هذين الوجهين.
وقال بعضهم : إنه بجهة فوق مماسّ للعرش ، وبعضهم يزعم أنه بجهة فوق لا بمعنى أنه شاغل لجهة فوق.
وقالت «الصوفية بل» هو تعالى «يحل في الكواعب الحسان ومن أشبههن من المردان» تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا ومثل هذه الرواية عن الصوفية حكى الإمام المهديعليهالسلام وغيره عنهم لعنهم الله.
وتحقيق مذهبهم : أنهم يقولون إنه تعالى عرض يحل في الصورة الحسنة عشقا منه لها فاتّحد بها وحدة نوعيّة وهؤلاء هم الحلوليّة انتحلوا مذهب بعض النصارى حيث قالوا : إن الله تعالى اتّحد بالمسيح كما يأتي إن شاء الله تعالى.
«قلنا ردّا على الجميع : الحالّ لا يكون ضرورة» أي يعلم بضرورة العقل أن الحالّ لا يكون «إلّا جسما أو عرضا والله تعالى ليس بجسم ولا عرض إذ هما محدثان كما مرّ» في فصل حدوث العالم.
«والله تعالى ليس بمحدث كما مرّ ، ولقوله تعالى : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) وما كان حالّا في غيره أو محلّا لغيره فهو مشابه لغيره محدث (١) كحدوثه إذ الحالّ والمحلول جسم وعرض لا غير.
وأما قولهم : إن القول بأنه لا داخل في العالم ولا خارج عنه نفي له فغير مسلم وإنما هو نفي أن يكون من جنس العالم.
وأمّا (٢) قولهم كون الأوامر والنّواهي وإنزال الكتب وإرسال الرسل ونزول الرحمة والعذاب من جهة فوق ، فلما جعل الله سبحانه في إسكان
__________________
(١) (ض) ومحدث.
(٢) (أ) فأمّا.