«و» أمّا «الخذلان» فحقيقته في اللغة ترك العون والنصرة وفي الاصطلاح «عدم تنوير القلب بزيادة في العقل الكافي» في حسن التكليف تنويرا «مثل تنوير قلوب المؤمنين كما مر» ذكره في فصل الكلمات التي من المتشابه.
وقال الإمام المهدي عليهالسلام : هو منع اللطف ممّن لا يلتطف.
قال : وتسميته حينئذ لطفا مجاز إذ لا يلتطف به المخذول.
قلت : ومآل القولين واحد ولا مانع من تسميته حينئذ لطفا حقيقة وإن لم يفعل الملطوف فيه لأنه قد حصل معناه الحقيقي وهو التقريب.
ولهذا قالوا : ومن كان له لطف وفعل له (١) فإنه لا يجب أن يؤمن لأنّ اللطف ليس بموجب للملطوف فيه وإلّا وجب أن يزيل الاختيار ويرفع التكليف.
«و» حقيقة «العصمة» في اللغة المنع عن الوقوع في الأمر المخوف ، وفي الصحاح : العصمة الحفظ واعتصمت بالله سبحانه إذا امتنعت بلطفه من المعصية.
وفي الاصطلاح «ردّ النفس عن تعمّد فعل المعصية أو» تعمّد «ترك الطاعة مستمرّا» أي يدوم ذلك حياته كلها وذلك «لحصول اللطف والتنوير عند عروضهما» أي عروض الطاعة والمعصية ، وهذا موافق لما في الصحاح إلّا أنه في الاصطلاح يشرط فيه الاستمرار لا في اللغة والله أعلم.
قال الإمام «المهدي» أحمد بن يحيى «عليهالسلام وأبو هاشم : ويجوز كون فعل زيد لطفا لعمرو» فيدعوه ذلك الفعل الصّادر من زيد إلى فعل الطاعة أو ترك المعصية.
وكذلك «يجوز تقدم اللّطف» سواء كان من فعلنا أو فعل الله تعالى على الملطوف به (٢) «بأوقات كثيرة ولو» كان اللطف» قبل بلوغ التكليف» فإنه لا يخرجه ذلك عن كونه لطفا إذا وقعت فيه حقيقة اللطف وهو الدعاء والتقريب
__________________
(١) (ا) وفعل به.
(٢) (ب) فيه.