الصّيف فقالوا : «بل ولد الله سبحانه» وتعالى عن ذلك «عزير» قال في الكشاف : وسبب قولهم ذلك في عزير أن اليهود قتلوا الأنبياء بعد موسى عليهالسلام فرفع الله عنهم التوراة ومحاها عن قلوبهم فخرج عزير وهو غلام يسيح في الأرض فأتاه جبريل عليهالسلام فقال له : إلى أين تذهب؟ فقال : أطلب العلم فحفّظه التوراة فأملاها عليهم لا يخرم حرفا فقالوا : ما جمع الله التوراة في صدره (١) إلّا أنه ابنه.
وقال «بعض النصارى : بل ولد» سبحانه وتعالى عن ذلك «المسيح عيسى» ابن مريم ، وهؤلاء هم الذين حكى الله سبحانه مقالتهم بقوله عزوجل : (وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ) ... الآية (٢).
وقال «بعض اليهود وبعض النصارى معا» أي أجمعوا على هذا القول معا فقالوا : «هم أبناء الله» كما حكى الله عنهم في قوله تعالى : (وَقالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصارى نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ) (٣).
قال في الكشاف : معنى قوله تعالى حاكيا أبناء الله أي أشياع ابني الله عزير والمسيح كما قيل لأشياع أبي خبيب وهو عبد الله بن الزبير الخبيبيّون ، وكما كان يقول رهط مسيلمة: نحن أنبياء الله ، وكما يقول الملك وذووه وحشمه : نحن الملوك أي كل فرقة منهم ادعت ذلك وإلّا فكل فرقة تضلل الأخرى.
«قلنا :» ردّا عليهم «الولد يستلزم الحلول» في الوالد «ثم الانفصال» عنه بعد ذلك «ولا يحل إلّا في جسم ولا ينفصل إلّا عنه ، والله تعالى ليس بجسم لما مر» من الأدلة على ذلك «و» من السمع ما «قال تعالى» (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ اللهُ الصَّمَدُ* لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ* وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) (٤).
__________________
(١) (أ) في قلبه.
(٢) التوبة (٣٠).
(٣) المائدة (١٨).
(٤) الإخلاص (١ ، ٤).