«قالوا : لو كان يقدر الكافر على الإيمان لكشف عن الجهل في حقه تعالى لو فعل» الكافر الإيمان لأنه لم يكن معلوما لله تعالى «والله يتعالى عن ذلك» أي عن الجهل.
قلنا : الله سبحانه عالم بالكفر» من الكافر «وشرطه» أي وعالم بشرطه «وهو اختياره» أي اختيار العبد للكفر وتأثيره على الإيمان «مع التمكن من فعله» وتركه «و» الله سبحانه عالم أيضا «بالإيمان وشرطه وهو اختياره» أي اختيار العبد للإيمان «كذلك» أي مع التمكن من فعله وتركه.
فالله سبحانه عالم بالأمرين معا وشرطهما وهو اختيار العبد وتمكنه من فعل ما يفعله منهما وتركه «فلم يكشف» وقوع الإيمان من الكافر لو قدّرنا وقوعه «عن الجهل في حقه تعالى» لعلمه سبحانه وتعالى بالأمرين وشرطهما كما ذكرنا ، «كعدم» أي كعلمه تعالى عدم «اطلاع النبيء صلى الله عليه وعلى آله وسلم على أهل الكهف» الذين ذكرهم الله سبحانه في القرآن حيث قال تعالى : (لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً) (١).
«فإنه» أي علم الله سبحانه عدم اطلاع النبيء صلى الله عليه وعلى آله وسلم على أهل الكهف «لم يكشف عن الجهل في حقه تعالى» بالاطلاع المفروض المقدّر لو حصل من النبيء صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأنه تعالى عالم لذلك بعد أن علم عدم اطلاع النبيء صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقد علم الأمرين معا وهما عدم الاطلاع والاطلاع المفروض المقدّر لو حصل شرطه بدليل ما ذكره الله سبحانه من أنه «لو اطلع عليهم لولّى منهم فرارا ولملىء منهم رعبا كما أخبر الله تعالى» لأنه لو لم يعلمه لما صحّ أن يقول (لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً) فهو تعالى عالم بالأمرين معا وشرطهما ، وهذا نص صريح فيما قلنا به وثبت أن علمه تعالى بكفر الكافر لم يكشف عن الجهل في حقه جل وعلا لو آمن «لأنه لا يكشف عن الجهل في حقه تعالى إلّا حيث كان تعالى لا يعلم إلّا أحدهما» إمّا الإيمان في حق المؤمن أو الكفر في حق الكافر وذلك واضح.
__________________
(١) الكهف (١٨).