وإذا كان كذلك «فبالأحرى أنهم لا يرون القلب» فكيف يرون النقطة السوداء أو البيضاء.
«وإن كانت» العلامة «لغير ذلك فالمعلوم أن الله غنيّ عنها لأنه عالم الغيب والشهادةلا يعزب عنه شيء».
وما روي عن علي عليهالسلام على طريق التمثيل والمجاز والله أعلم. إذا عرفت ذلك «فالتّحقيق أنه» أي الطبع والختم في حق الله سبحانه وتعالى : «مجاز عبارة عن سلب الله تعالى إيّاهم» أي الكفار والفساق «تنوير القلب» الذي خص الله به المؤمنين «الزّائد على العقل الكافي» في التكليف.
فأما العقل الكافي الذي تلزمهم به الحجة فهو لا شك معهم بل وأكثر منه يعلم ذلك ضرورة في محاوراتهم ومناظراتهم وتدبير أمورهم «لأن من أطاع الله تعالى نور الله قلبه» وزاده هدى ونورا.
«و» كما «قال تعالى (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ) (١) وكما قال الله تعالى : (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ يَهْدِ قَلْبَهُ) (٢) أي يزده هدى ونورا.
«وقال تعالى : (إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً) (٣) إي تنويرا كما مر» ذكره في بيان معاني الهدى.
«ومن عصى الله لم يمدّه الله بشيء من ذلك» التنوير الزائد على العقل الكافي «ما دام مصرّا على عصيانه ، فشبّه الله سبحانه سلبه إيّاهم ذلك التنوير بالختم والطبع» على الحقيقة.
والجامع بين المشبّه والمشبّه به عدم الانتفاع بالقلوب ، وكذلك الكلام في الختم على الأسماع والأبصار لأن من سلبه الله التنوير المذكور لا ينتفع بما سمع وأبصر من البيّنات والهدى فكأنّه لا يسمع ولا يبصر ، ومثل هذا ذكره الهادي عليهالسلام.
__________________
(١) محمد (١٧).
(٢) التغابن (١١).
(٣) الأنفال (٢٩).