مقارنته مع آية معينة ، وهذا المفهوم الذي نطرحه هو الذي يعبر عنه علماء الحديث المتأخرون بالنقد الداخلي للخبر ، أي مقارنة مضمونه مع الأصول العامة والأهداف الإِسلامية ، وهو المعبر عنه في النصوص بالقياس ، نحو : « فقسه على كتاب الله » (١) ، إذن فمن المحتمل كون المراد من عمل ابن الجنيد بالقياس هو كونه من المدرسة المتشددة في قبول الحديث التي تلتزم بنظرية النقد الداخلي للحديث والموافقة الروحية فيه للكتاب والسنة ، في مقابل مدرسة المحدثين التي تعتقد بقطعية صدور أكثر الأحاديث دون مقارنتها مع الأصول الإِسلامية ، ومما يؤيد ما ذكرناه نسبة العمل بالقياس لأعاظم الإِمامية كما في رجال السيد بحر العلوم (٢) ، قال : « فقد ذكر السيد المرتضى في رسالة له في أخبار الآحاد أنه قد كان في رواتنا ونقلة أحاديثنا من يقول بالقياس ، كالفضل بن شاذان ويونس بن عبد الرحمن وجماعة معروفين » . وقال في كشف القناع (٣) : « وحكى ـ الصدوق ـ في مواضع متفرقة عن جماعة من أساطينهم العمل بالقياس ، وفيهم من الأوائل مثل زرارة بن أعين وجميل بن دراج وعبد الله بن بكير » . ولا يتصور في حق هؤلاء الأعاظم العمل بالقياس الفقهي مما يشير إلى أن المقصود بالقياس هو التشدد في قبول الحديث بالعمل بنظرية النقد الداخلي ، ويؤيده ما حكاه المحقق (٤) في المعارج ، قال : « المسألة السادسة : قال شيخنا المفيد : خبر الواحد القاطع للعذر هو الذي يقرن بدليل يفضي بالنظر فيه إلى العلم ، وربما يكون ذلك إجماعاً أو شاهداً من عقل أو حاكماً من قياس » .
__________________
(١) الوسائل ٢٧ : ١٢٣ / ٣٣٣٨١ ، البحار ٢ : ٢٤٤ / ٥٢ .
(٢) رجال السيد بحر العلوم ٣ : ٢١٥ .
(٣) كشف القناع : ٨٣ .
(٤) معارج الاصول : ١٨٧ .