القواعد حججاً في طريق الاستنباط وإنما هي حجة في مقام التطبيق على المورد الجزئي ، وهذه هي الصفة الغالبة على القواعد الفقهية حتى النوع الأول منها وهو الذي لا يرتبط البحث عنه بالبحث عن الحجية .
لكن يبقى الإِشكال المثار عند الأعلام بالنسبة لقاعدة الطهارة ، وهي المعبر عنها في النصوص : « كل شيء نظيف حتىٰ تعلم أنه قذر » (١) ، وهي تنطبق تارة على الموارد الجزئية كطهارة الثوب والمكان ، وتارة على الموارد الكلية كاثبات طهارة الكتابي بها عند الشك في طهارته مع عدم قيام دليل اجتهادي على النجاسة ، فخروجها عن ميزان المسألة الأصولية في الموارد الجزئية واضح ، لعدم كونها حينئذٍ حجة في مقام الاستنباط ، ولكن خروجها عن المسائل الأصولية في الموارد الكلية مشكل .
وحاول إخراجها صاحب الكفاية بقيد الكلية والاشتراك ، فأفاد بأن القاعدة الأصولية قانون مشترك بين عدة أبواب فقهية (٢) وهذه القاعدة خاصة بباب الطهارة وببعض الموارد الكلية فيها فتخرج عن ضابط المسألة الأصولية ، وسبق كلامنا في ذلك .
ولكن قد يقال في وجه إخراجها : أننا ذكرنا في بحث الفرق بين الاعتبار القانوني والاعتبار الأدبي (٣) أن قاعدة الطهارة لها تفسيران :
١ ـ كون مفادها حكماً ظاهرياً بالطهارة في مورد الشك . وهذا هو الاعتبار القانوني المؤدي لحكومة قاعدة الطهارة علىٰ الأدلة الأولية المتعرضة لاشتراط الطهارة فيما تشترط فيه ، حكومة ظاهريَّة متقيدة بحالة عدم العلم بالخلاف ، بحيث يكون الاجزاء بعد انكشاف الخلاف علىٰ خلاف القاعدة . وبناءاً علىٰ
__________________
(١) الوسائل ٣ : ٤٦٧ / ٤١٩٥ .
(٢) الكفاية : ٨ ـ ٩ .
(٣) صفحة : ٦٦ .