هذا التفسير فقاعدة الطهارة كسائر الأصول العملية ، التي تعني أنها وظيفة عملية للشاك في الحكم الواقعي . فلا مبرّر حينئذٍ لاخراجها من علم الاصول . لكونها مشمولة لتعريف المسألة الأصولية ( وهو كونها حجة في مقام العمل ) .
٢ ـ كون مفادها تنزيل المشكوك منزلة الطاهر الواقعي في جميع الآثار التكوينية والتعبدية تنزيلاً أدبياً مجازياً كتنزيل الشجاع منزلة الأسد .
وهذا هو الاعتبار الأدبي ، الذي يعني عدم وجود أي جعل شرعي في قاعدة الطهارة ، لا واقعاً ولا ظاهراً ولذلك لم يقيد مفادها بحالة الشك ، بل قيد بحالة عدم العلم الشاملة للجهل المركب والغفلة والنسيان فهي دليل حاكم علىٰ الأدلة الأوليَّة المتعرضة لاشتراط الطهارة حكومة واقعية .
والحكومة كما شرحناها في أول الكتاب (١) ، قرينة نوعية كالتخصيص كاشفة عن المراد الجدي ، وإنّما الفرق بينها وبين التخصيص فرق إثباتي . فهو تصرف في الحكم . وهي تصرف في الموضوع . فمؤدىٰ قاعدة الطهارة بناءاً علىٰ هذا التفسير . توسعة دائرة الشرطية في الأدلة الأوليَّة ، لما يشمل الطهارة الواقعية والتنزيلية . نعم بالنسبة لبعض الآثار كعدم جواز التطهير بالنجس تكون حكومتها حكومة ظاهريّة كما سبق بيانه .
وحينئذٍ فلا تعد قاعدة الطهارة مسألة أصولية . لعدم كونها طريقاً كاشفاً عن الحكم الشرعي ، ولا حكماً ظاهرياً مجعولاً للشاك في مرحلة الحيرة العملية .
__________________
(١) صفحة : ٢٣ .