أغلب الفقهاء اعتبروا هذه المقالة اعتباراً قانونياً مفاده استقرار مالية المأخوذ على ذمة الآخذ ، مع أنه في نظرنا مجرد تعبير أدبي للكناية عن الضمان عند التلف فقط .
ج ـ الفرق بين الحق والملك ، فقد ذهب المحقق النائيني ( قده ) الى كون الفرق بينهما تشكيكياً فكلاهما عبارة عن الاختصاص بالشيء ولكن الملك أقوى مرتبة من الحق في هذا الاختصاص (١) واعترض عليه المحقق الاصفهاني ( قده ) بأن ماهية الاختصاص إما أن تكون مأخوذة من مقولة الجدة وإما أن تكون مأخوذة من مقولة الإِضافة ، وكلا المقولتين من الأعراض البسيطة التي لا تقبل التشكيك والتفاوت بالشدة والضعف .
ولكن الصحيح بنظرنا أن اعتبار ماهية الاختصاص إن كان اعتباراً أدبياً فحينئذٍ لا يتصور التشكيك والتفاوت فيه ، لأنه تنزيل أمر منزلة شيء تكويني فيكون الأصل المنزل عليه محفوظاً فيه ، وحيث أن أصله التكويني غير قابل للتشكيك فهو أيضاً غير قابل لذلك التشكيك أيضاً ، وإن كان اعتباراً قانونياً كما هو الصحيح فهو وإن كان مبدأه الاعتبار الأدبي المنزل على أصل تكويني ، ولكن لتحول هذا الاعتبار القانوني لظاهرة اجتماعية وتأصله في مرتكزات المجتمع العقلائي لا يكون الأصل التكويني محفوظاً فيه فيقبل التشكيك الاعتباري حينئذٍ ، بمعنى أن المقنن تارة يجعل نوعاً من الاختصاص بنحو مؤكد ويسميه ملكاً وتارة يجعله بنحو غير مؤكد ويسميه حقاً فيحصل التفاوت بالاعتبار والجعل ، لا أنه تفاوت بطبعه وحركة اشتدادية تكوينية بنفسها ، فإن الحركة مستحيلة في الاعتباريات فهذه مجموعة من الأمثلة في الفقه والأصول علىٰ حصول الخلط بين الاعتبارات الأدبية والقانونية .
__________________
(١) المكاسب والبيع ( تقريرات النائيني ) بقلم محمد تقي الآملي ١ : ٩٢ .