ليس نحن أصحاب قياس إنما نقول بالآثار ، فلقيت علي بن راشد ـ وهو وكيل آخر ـ وسألته عن ذلك وأخبرته بقول عمر فقال : قد قاس عليك وهو يلزمك ، فسألت معاوية بن حكيم عن ذلك فقال معاوية : ليست العدة مثل الطلاق وبينهما فرق (١) .
ثم إنّ الكليني ( ره ) نقل في الكافي عن الفضل بن شاذان جواباً شبيهاً بذلك (٢) ، وواقع المسألة المثارة في الرواية أن هناك آيتين :
١ ـ قوله تعالى : ( فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ) (٣) .
٢ ـ وقوله تعالى : ( لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ ) (٤) ، والسؤال لماذا قال الشيعة بأن من طلق لغير العدة فطلاقه باطل بينما قالوا إن المطلقة لو خرجت من بيت زوجها فطلاقها صحيح ، مع أن مفاد الآيتين واحد وهو تقييد الطلاق بالعدة وتقييده بالبقاء في بيت الزوج ، وقد تصور أيوب بن نوح وعلي بن راشد أن المقارنة بين الآيتين نوع من القياس ونحن لا نقول بالقياس ، وهذا لون من التفكير البدوي ، بينما معاوية بن حكيم والفضل بن شاذان حيث إنهما يملكان التفكير الأصولي فرَّقا بين اللسانين ، وهو أن لسان الآية الأولى لسان إرشادي للحصة الخاصة فيفيد عدم الامضاء للطلاق في غير تلك الحصة ، بينما لسان الآية الثانية هو النهي المولوي الذي لا يلزم من مخالفته الفساد الوضعي .
إذن فهذه المناظرات مصداق من مصاديق الفقه الخلافي ، ونحن لو تأملنا فيها لرأينا دخالة علم الأصول في الفقه الخلافي ، كما يظهر من الرواية الأخيرة من الفرق بين اللسان الارشادي والمولوي .
__________________
(١) الكافي ٦ : ٩٢ ـ ٩٣ .
(٢) الكافي ٦ : ٩٣ .
(٣) الطلاق ٦٥ : ١ .
(٤) الطلاق ٦٥ : ١ .