تكونَ الهمزةُ رِدْفا ومعنى قوله لم أُورَا بها ـ لم أعلَمْ بها قال لبيد يصف الناقة
تَسْلُبُ الكانِسَ لم يُوْرَأْ بِها |
|
شُعْبةَ الساقِ إذا الظِّلُّ عَقَلْ |
وهذا البيت يجوز فيه أربعةُ أوْجُه يجوز لم أُورَأْ بها مثالُ لم أُوْرَعْ بها معناه لم يَشْعُر بها وهو من الوَراءِ اشتقاقُه كأنه قال لم يَشْعُر بها من وَرائِه وهذا على مذهب من يجعل الهمزةَ فى ورَاء أصلا ويقول في تصغيره وُرَيِّئة تقديرُه وُرَيِّعة وتقول في تَصْريف الفِعل منها وَرَّأْت بكذا وكذا كأنّه قال ساتَرْت بكذا وكذا ومنه الحديث «أن النبىَّ صلى اللهُ عليه وسلم كان إذا أرادَ سفَرًا وَرَّأَ بغيره» وأصحابُ الحديث لم يَضْبِطُوا الهمزَ فيه والوجه الثانى من هذا المعنى أن تَجعلَ الهمزةَ غير أصلِيَّة وتجعَلَها مُنقلِبة من واوٍ أو ياءٍ تقول لم يُوردَ بها وتجعل وَرَاء مثلَ عَطاءِ والهمزة مُنقَلِبة ومن قال هذا قال في تصغير وَرَاء وُرَيَّة وأصلُه وُرَيِّبة وتسقُطُ واحدةٌ منها كما قلت في عطاءٍ عُطَىٌّ والاصل عُطَيِّىٌ وفي عَظَاءَة عُظَيَّة والاصل عُظَيِّيَة وتقول ورَّيت عن كذا وكذا بغير هَمْز ويجوز أن يقال يُوأَرْ بها تقديره يُوعَرْ بها وفاء الفِعل منه واوٌ ومعناه لم يُذْعَرْ بها وهو مشتقٌّ من الارَة والارَةُ ـ النارُ وهى مثل عِدَة وأصلُها وِئْرة وحُذِفت الواوُ وأبْقِى كسرتُها مع الهمزةِ ومعناها أنه لم يُصِبْه حرُّ الذُّعْر ويجوز أن يقال تسْلُب الكانِسَ لم يُؤْر بها تقديره لم يُعَرْبها وهو مأخوذ من الأُوَار ـ وهو حر الشمسِ وفاءُ الفِعْل من هذا همزةٌ وعينُه واو ولامُه راءٌ كأن فعلَه آر يَؤُورُ وما لم يسمَّ فاعِلُه إير بُؤار مثل قيل يُقَال فهذا ما سَقط الىَّ من تعليل أبى على وأبى سَعِيد رحمهمااللهُ هذا شئ عَرَضَ* قال ابن جنى* فأما قوله
يُرِيد أن يأخُذَ بالجِزاف |
|
فكان ذُو العَرْشِ بِنَا أَرَافِىْ |
فوجهه عندى أنه أراد أرْأفُ ثم زاد الياءَ على ما نحن بسَبِيله فصار أرْأفِىٌّ ثم خفَّف الهمزَة على ما تقدَّم فصار أَرَافِىٌّ ثم خفَّف الياء كما خففها الآخرُ في قوله
بَكِّى بعينِكِ واكِفَ القَطْر |
|
ابنَ الحَوَارِى العالِىَ الذِّكْر |
أراد الحَوارِىَّ فحذف الياء الأُولَى لا الآخِرة هذا الوجهُ وقد يمكن أن يكونَ حذَف الثانية والأُولى أقوَى وبقى الياءُ بعد الفاءِ وَصْلا واطلاقا فصار أرَافِى ثم