وتَضْحَكُ منِّى شيخَةٌ عَبْشَمِيَّةٌ |
|
كأنْ لم تَرَى قَبْلِى أَسِيرا يَمانِيَا |
فقد روى كأنْ لم تَرَىْ قبْلِى ... وكأن لم تَرَى ... زعم ذلك الفارسى وعلَّل الرِّوايتين قال فمن أنشده تَرَىْ بالياء كان مثلَ (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) بعد (الْحَمْدُ لِلَّهِ) وقد يكون على هذا قولُ الاعشى* ... حتى تُلَاقِى مُحَمَّدا * بعد قوله فآلَيْتُ لا أَرْثِى لها ... وقد يكون على معنى تَفْعَلُ الا أنه سكَّن اللام في موضِع نصب ومن أنشده كأن لم تَرَى ... كان مثلَ ما أنشده أبو زيد من قوله
اذا العَجُوزُ غَضِبَتْ فَطّلِقِ |
|
ولا تَرَضَّاها ولا تَمَلَّقِ |
فان قلت فلِمَ لا يكونُ على التخفيف على قياس من قال المَرَاة والكَمَاة قيل إن التخفيف على ضَرْبين تَخْفِيف قِياس وقَلْبٌ على غير قَيِاس وهذا الضربُ حكمُ الحرف فيه حكْمُ حُروفِ اللِّين التى ليست أصُولُهنَّ الهمْزَ ألا تَرَى أن من قال أرجَيْت قال (وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللهِ) مثل مُعْطَوْن ومن لم يَقْلِب جعلَها بَيْن بَيْنَ فكذلك لم تَرَى اذا لم يكن تخفيفُه تخْفِيفَ قِياسٍ كان كما قُلْنا فلا يجوُز لتَوالى الاعلَالَيْنِ ألا تَرَى أنهم قالوا طَوَيت ولَوَيْت وحَيِيت فأجْرَوُا الأول في جميع هذا مُجْرَى العينِ من اخْشَوْا وقالوا قُوًى وحَيًا فجعلوه بمنزلة قَطًا وقالوا آيَةٌ فأمَّا استحَيْت فشاذٌّ ولا يُقاس عليه وقد أبَنَّاه فان قلت فلِمَ لا تجعَلُه مثلَ لم يَكُ ولم أُبَلْ كأنه حَذَف أوَّلا اللامَ للجَزْم كما حذَف الحركةَ من يكونُ ثم خُفِّفت على تخفيف الكمأة والمرأةِ وأُقِرَّ الالِفُ كما أُقِر فيما أنشده أبو زيد من قوله
اذا العجوزُ غَضِبتْ فطَلِّقِ |
|
ولا تَرَضَّاها ولا تَمَلَّقِ |
فان ذلك يَعْرِض فيه ما ذَكرنا من تَوالِى الاعلالَيْنِ فأما ما أنشده سيبويه
عَجِبْتُ مِن لَيْلاكَ وانْتِيَابِها |
|
من حيثُ زارَتْنِى ولم أُورَا بِها |
فذهب قومٌ الى أنه تخفيف بدَلىٌّ كما ذهبُوا اليه في قوله
* كأنْ لم تَرَى قَبْلِى أسِيرًا يَمَانِيَا*
وقد أبانَ أبو على وجهَ الفَساد هُناك فلذلك نستَغْنِى عن كَشْفه هنا وأشرحُ البيتَ لما فيه من الاشْكال الأصل في أُوْرَا بها أُوْرَأْ بها ولا يجوز الهمُز في البيت لأن القصيدة مُرْدَفة لا بُدَّ من ألف قبْلَ حرف الروِىِّ وهو الباءُ ولو همزَ لم يجُزْ أن