الذى بعدَها اعلَمْ أن العربَ تقول تَقَى يتَقِى بفتح التاء في المستقبل وكان الظاهر من هذا أن يقال تَقَى يَتْقِى وانما هو على الحذف وأصله اتَّقَى يَتَّقِى حذَفوا فاءَ الفعل وهو التاءُ الاولَى من اتَّقَى وهى ساكنةٌ فسقَطت الفُ الوصل من اتَّقَى لان بعدها متحرِّكا وفي المستقبَل يَتْقِى حذفُوا منه التاءَ أيضا الاولى فبقى يَتَقِى واذا أمروا قالوا تَقِ اللهَ وأصله اتَّقِ سقطت التاء التى هى مكان فاء الفعل وسقطت ألف الوصل وأصل هذه التاء الساقطة واو لانها من وَقَيْتُ والتاء في قولهم تَقَى اللهَ رجلٌ ويَتَقِى وتَقِ اللهَ فى الامر هى تاء افْتَعَل وهى زائدة واختلفوا في تُقًى فكان أبو العباس المبرد يقول هى زائدة ووزن تُقًى تُعَل وكان الزجاج يقول هى منقلبة من واو وُقًى وهو فُعَل مثل قولهم تُكَأَة وتُخَمَة والاصل وُكَأَة ووُخَمة ولا يقال يَتْقِى في المستقبل بتسكين التاء لان الاصل ما ذكرته ولو كان يجوز التسكين لقيل في الامر اتقِ كما يقال في يَرْمِى ارْمِ قال الشاعر
تَقُوُه أيُّها الفِتْيَانُ إنّى |
|
رَأَيْتُ اللهَ قَدْ غَلَبَ الجُدُودا |
وقال آخر
جَلَاها الصَّيْقَلُونَ فأخْلَصُوها |
|
فَجَاءَتْ كُلُّها يَتَقِى بأَثْرِ |
ومثل هذا يقال يَتَخِذُ على مثال يتَّخِذ فحذفوا التاء الاولى كما حذفوا من يَتَقِى وقالوا في الماضى تَخِذَ فكان الزجاج يقول أصل تَخِذَ اتَّخذَ وليس الأمرُ عندى كما قال لانه لو كان اتَّخَذَ وحُذِفت التاء منه لَوَجب أن يقال تَخَذَ وليس أحد يقول تَخَذَ بفتح الخاء وحكى أبو زيد تَخِذَ يتْخَذ تَخْذًا* قال أبو سعيد* وفيما قرأته على ابن أبى الازهر عن بندار في معانى الشعر له
ولا تُكْثِرا تَخْذَ الشِّعَار فانَّها |
|
تُرِيدُ مَباآتٍ فَسِيحًا فِنَاؤُها |
وانما أراد سيبويه أَنهم قالوا في المستقبل يَتَقِى وان كان الماضى تَقَى لأن أصل تَقَى اتَّقَى فَرَدُّوه الى أصل اتَّقَى فقالوا يَتَقِى مخفَّفا عن يَتَّقِى وقد مضى ذلك وأما فَعُل فانه لا يُضَمُّ منه ما كُسِر من فَعِل لان الضم أثقل عندهم فكرهوا الضمتين ولم يخافوا التباس معنيين فَعَمَدوا الى الأَخَفِّ يريد أنهم لم يقولوا في مستقبل فَعُل يُفْعُل على ما توجبه ضمة الماضى كما كسروا أوّل مستقبل فَعِل حين قالوا تِعْلَم لان الكسرة