الحروف تُبدَل وتحدَف في كلام الفُرْس هَمزةً مرةً وياءً مرةً أُخْرَى فلما كان هذا الآخر لا يُشْبِه آخِرَ كلامهم صار بمنزلة حَرْف ليس من حُرُوفهم وأبدلوا الجِيمَ لأن الجيم قريبةٌ من الياءِ وهى من حُرُوف البَدَل والهاء قد تُشْبه الياءَ ولأن الياءَ أيضا قد تقَع آخرةً فلما كان كذلك أبدَلُوا منها كما أبدَلُوها من الكَافِ وجَعلوا الجيمَ أوْلى لأنها قد أُبْدلت من الحرف الأعجمى الذى بين الكاف والجيم فكانوا عليها أمْضَى وربما أُدْخِلت القافُ عليها كما أُدْخِلت عليها في الاول فأَشْرِك بينهما وقال بعضهم كَوْسَق وقالوا كُرْبَق وقُرْبَقٌ وقالوا كِيلقَة ويُبْدِلُون من الحرف الذى بين الفاءِ والباءِ الفاءَ نحو الفِرِنْد والفُنْدُق وربما أبْدلُوا الباءَ لانهما قريبتانِ جميعا قال بعضهم بِرِنْد فالبدَل مُطَّرد في كل حرف ليس من حُرُوفهم يُبْدَل منه ما قَرُب منه من حروف الأعجمِيَّة ومثلُ ذلك تغييرُهم الحركةَ التى في زَوْرْ وآشُوب فيقُولون زُورٌ وأَشُوبٌ ـ وهو التخليطُ لأن هذا ليس من كلامهم وأما ما لا يطَّرِد فيه البدَلُ فالحرفُ الذى هو من حُرُوف العربِ نحو سِينِ سَراوِيلَ وعيْنِ إسمعيل أبدلُوا للتغيير الذى قد لَزِم فغيَّروه لما ذكرتُ من التشبيه بالاضافة وأبدلوا من السين نحوَها في الهَمْس والانسِلالِ من بين الثَّنايا وأبدلوا من الهمزة العَينَ لأنها أشبه الحروف بالهمزة وقالوا قَفْشَلِيل فأتْبعُوا الآخِر الاوّلَ لقُرْبه في العدد لا في المُخْرَج فهذه حال الأعجميَّة فعلى هذا فوجِّهه إن شاء الله فهذه قوانِينُ الفارسِيَّة في تَصْرِيف التعرِيب من الزيادة والنُّقْصان والابدالِ وأذكر الألفاظ التى داخلَتْ كلامَ العرب من كلام فارِس وغيرها* أبو عبيد* مما دَخَل في كلام العَرَب من كلام فارِس المِسْحُ تسمِّيه العَربُ البِلَاس وجمعه بُلُس والأَكارِعُ عند العرب هى البالِغَاء ممدودٌ هى بالفارسية پايها ـ يعنى الأرجُل والمُقَمْجِرُ مثال مُقَرْمِد ـ القَوَّاس وهو بالفارسية كمانْكَر وأنشد للاخزر
* مِثْل القِسِىِّ عاجَها المُقَمْجِرُ*
* ابن دريد* القَمْجرة ـ إصلاحُ القِسِىِّ فارسى والقَمَنْجر ـ القَوَّاس* أبو عبيد* ومن هذا قول الاعشى
وبَيداءَ تَحْسِب آرامَها |
|
رِجالَ إيَادٍ بأجْيادِهَا |