من يجْزِم بلَنْ كما يجزِم بلم فاذا صح ذلك فهى ثلاثة وثلاثةُ أحرفٍ من حرُوف النصب للفِعْل وهى أن ولَنْ وكى وحرفان للجواب وهى قد وأى وحرفان للتنبيه وهى ها وواو فهذه تسعة وعشرون حرفا مأخوذة من القسمة من حروف المعانى وأربعة أحرف مفردةٌ وهى لو وصَهْ ومَهْ وقَط فذلك ثلاثة وثلاثون حرفا مما يجىء على حرفين وهو أصل في بابه لم يحذف منه شئ والاصل في الحرفين للحروف كما أن الأصل في الحرف الواحد لها ولم يحذف منها فاما الاسماء التى تأتى على هذه العِدَّة فمشَّبهة بها وليس ذلك فيها أصلا البَتَّةَ وانما كانت الحُرُوف أوْلَى بذلك وأحَقَّ به لانها كبعض الكَلِمة ولأنها لا تقُوم بأنفُسِها في البيان عن مَعْناها فوجب فيها تقليلُ اللفظِ لذلك أعنِى لأنها لا يُتَكَلَّم بها على حِدَتها وهذه العِلَّة هى التى سَوَّغتْ في الضمِير المتَّصلِ أن يأتِىَ على حرفٍ واحدٍ اذ كان لا يُتَكلَّم به على انفرادِه ولذلك لم يُجِز أحدٌ ممن النحويِّينَ إثباتَ التنوين مع اسمِ الفاعلِ اذا كان مفعولُه الكِنايَة المتَّصِلةَ فأما الاسم المتمكن فلا يجىء على حرفين الا وقد حُذِف منه حرفٌ وأكثرُ ذلك في حُروف العِلَّة لأنها متهيِّئة لقبُول الحذْف والتغيِير وقد قدَّمنا ذكرَ ذلك مستَقْصًى في غير هذا الكتابِ وأما الآخِر (١) فلأنه حرفُ إعرابٍ تعتَقِب عليه الحركاتُ باعتِقاب العوامِل وأما الثالِثُ فلتكثر به الأبنِيَة على ما يقتضيه تمكنُه وهذا هو قانون الاعتدال في الاسماء ولذلك قال سيبويه وأما الأسماءُ المتمكِّنةُ فأكثرُ ما تجىءُ على ثلاثة أحرُف لأنها كأنها هى الاوّل في كلامهم* فهذا شئ عرضَ ثم نعُود الى ذكر ما بدأنا به من شرح عِدَّة ما تجىء عليه الحروفُ الرابطةُ ثم ما كان في المرتبةِ الثالثة من كثرته في نفسه لأن ما كان أكثرَ في نفسه من الحُروف فحقُّه أن يَجىءَ على حرفٍ واحد ثم يليه ما ينقصُ عنه بمرتبتين فيكمون على ثلاثة أحرفٍ وهو ثلاثون حرفا لحُروف الجرِّ خمسةٌ الى وعلى وخلَا وعدا ومُنْذُ وفي الجزاء مثلُها وهى أىٌّ وأينَ ومتَى مفردة وإذا في الشعر وحيْثُ مع ما ولحُروف العطف ثُمَّ ولحروف الاستفهام كيْفَ ولحروف النداء أَيَا وهَيَا وللتنبيه والاستفتاح ألَا والحروف الجواب نَعَمْ وأَجَلْ وبَلَى وللحروف الداخلة للابتداء أربعة أحرف إنّ وأَنَّ وكأنَّ وليتَ ولحروف النصب اذًا وللحروف المفردة سَوْف وقَطُّ وحَسْب وبَجَلْ وإيهٍ* وأمَّا ما جاء
__________________
(١) قوله وأما الآخر الخ كذا وقع في الأصل ولعله سقط شئ قبله من الناسخ كتبه مصححه