بفُلان كما تقول عَرَّفته بهذه العَلامةِ وأوْضَحْته بها وأستَغْفِر اللهَ من ذلك فلما حذَفُوا حَرْف الجرِّ عمِل الفِعْلُ يعنى هذه الأفعالَ التى تتعدَّى الى مفعولَيْنِ ممَّا كان في الاصل متعدِّيا الى واحدٍ بغير حرفِ جرٍّ والى الثانى بحرفِ جرٍّ مما جعلناه القسمَ الثانِىَ وجعلنا أحدَ المفعولين غيرَ فاعِل بالآخَرِ في الاصل وإنما فَصَله من القسم الأول اختلافُ معناهما في الأصل فأما قوله سمَّيته بفلانٍ كما تقول عرَّفته بهذه العلامة فان عَرَّفته على ضربين فان أردت شَهَّرته حتى عُرِف فانه يَجْرِى مَجْرَى التسميةِ لأنك اذا شَهَّرته بشئ فعُرِف به فهو بمنْزِلة تسميتكِ له بالاسمِ الذى يُعْرف له والوجه الآخر أن تكون عَرَّفته بمعنى أعلمته أمْرا كان يجهَلُه فتقول في الوجه الاول عَرَّفت أخاك بِزَيد كما تقول عَرَّفت أخاك بالعِمامة السوداءِ اذا جعلتها علامةً له يَعْرِفُه غيرُه بها وتقول في الوجه الثانى عَرَّفت أخاك زيدا اذا أعلمتَه إيَّاه ولم يكُنْ عارِفا به من قَبْلُ وهو من القسمِ الأوّل لأن الأصل عَرَفَ أخُوك زيدا كما تقول أخذ زيدٌ دِرْهما فقولنا عَرَّفت أخاك بزيد لا يجوز حذفُ حرفِ الجر منه كما جاز فى سَمَّيت لئلَّا يلتَبِس بالوجه الآخَر من وجهَىْ عرَّفت وليس لسمَّيت الا طريقةٌ واحدةٌ* قال سيبويه* مثل ذلك قول المتَلمِّس
آليْتَ حَبَّ العِراقِ الدَّهْرَ أطعَمُهُ |
|
والحَبُّ يأْكُلُه في القَرْيةِ السُّوسُ |
وهذا شاهِدٌ لجواز حذفِ حرفِ الجرِّ لا للذى يتضمَّنُه البابُ من تعدِّى الفِعلِ الى مفعولين* قال أبو على* قال سيبويه في هذا الباب من كتابه مستشهدا لجواز حذفِ حرف الجرِّ كما قال نُبِّئتُ زيْدا يريدُ عن زيد* قال* وليست عن وعلى ههنا بمنزلة الباء في قوله (كَفى بِاللهِ وليس بِزَيد لأن علَى وعن لا يُفْعَل بهما ذلك ولا بِمِن في الواجب اعلم أن الحُروفَ التى يجوزُ حذفُها على ضربين منها ما يُحذَف وهو مقدَّر لصحَّةِ معنى الكلامِ ومنها ما يكونُ زائِدا لِضَرْب من التأكيد والكلام لا يُحْوِج اليه فاذا حذف لم يقَدَّرْ فأما الذى يكون زائدا والمعنى لا يُحْوِج اليه فنحو قولك (كَفى بِاللهِ) والمعنى كَفَى اللهُ وليس أخُوك بزيد لأن المعنَى ليس أخُوك زيدا وما قامَ مِن أحدٍ معناه ما قام أحدٌ واذا حذفنا هذا الحرفَ لم يختلَّ الكلامُ ولم