مَجَارِى أواخِر الكَلِم من العرَبِيَّة وهى تَجْرِى على ثمانِيَةِ مجَارٍ على النَّصْب والرفعِ والجَرِّ والجَزْم والفتْح والضمِّ والكَسْر والوَقْف ثم قال وهذه المَجَارِى الثمانيةُ يجمعُهنّ فى اللفظ أربعةُ أضْرُب فالنصبُ والفتحُ في اللفظ ضَرْبٌ واحدٌ والكسْرُ والجَرُّ فيه ضَرْبٌ واحد وكذلك الرَّفْع والضمُّ والجَزْم والوَقْف* قال* وانما ذكَرْت لكَ ثمانِيةَ مَجَارٍ لِأَفْرُقَ بين ما يَدْخُله ضَرْب من هذه الاربعةِ لما يُحْدِثُ فيه العاملُ وليس شئٌ منها إلا وهو يَزُول عنه وبين ما يُبْنَى عليه الحرفُ بِناءً لا يزُول عنه لغير شئٍ أحدَثَ ذلك فيه من العَوامِل التى لكل عامِلٍ منها ضَرْبٌ من اللَّفْظ بالحرْف وانما أوردت قول سيبويه لأُرِيَك اتِّفاقَ الاعرابِ والبِناءِ في اللفظ وافْتِراقَهما فى المعنَى ولو لا مُضادّةُ البِناءِ الاعرابَ من وجه وموافَقتُه له من وَجْه لما احتجنا الى الاعرابِ لأن غَرَضنا إيضاحُ المبْنِيَّات في هذا الباب ولكنِ الضدّ لا يتَبَيَّنُ الا بضِدّه فالاعراب مبَيَّن بالبِناء والبِناء مبَيَّن بالاعراب وذلك كما يقول أهلُ الكلامِ السَّواد ضِدُّ البياضِ والبَيَاض ضِدُّ السَّوادِ وقد يذكَر الشىءُ في بابِ ضدِّه لأن التعبيرَ عنه انما هوَ به وأنا أذكُر جملةً أدُلُّ بها على عِلَّة المبنى وأتَحرَّى في ذلك إيجازَ القولِ وتسْهِيلَه وتقريبَه من الافهام بغاية ما يُمْكِن وأعتَمِد في ذلك على عَقْد ذكره الفارسىُّ في كتابه الموسُوم بالاغْفال عند ردِّه على أبى اسحاق في تعليل بعض المَبنِيَّات* قال أبو على* الاسماء في الاعراب والبناء على ضربينِ مُعْرَبٌ ومبْنِىٌّ والمعرَبُ على ضربين مُنْصرِفٌ وغير مُنصرِف فغَيْرُ المنصرِف ما شابَه الفِعْل من وجهَيْن وأما المنصَرِف منها فما كان بخِلافِه والمبنِىُّ على ضربين مبْنِىٌّ على حركة ومبنىٌّ على سكونٍ فالمبنىُّ منها على الحركة على ضربَيْنِ أحدهما ما كان بِنَاؤه على الحركة لتَمُّكنه قبْلَ حاله المُفْضِيَة به الى البِنَاءِ وذلك من عَلُ وأوَّلُ ويا حَكَمُ وما أشبه ذلك والآخَر أن يكونَ بِناؤُه على الحرَكة لالتِقاء الساكِنَيْن نحو كَيْفَ وأيْنَ وأيَّانَ وثَمَّ وأُولاءِ وحَذَارِ ومُنْذُ وحركةُ ذلك تنْقِسم الى الحرَكاتِ الثلاثِ كما يتبَيَّنُ لكَ في هذه فأمّا المبْنِىُّ على السُّكُون فنحو كَمْ ومُذْ وإذْ وكلُّ هذه الأسماء المبنية معَ اختِلافِها فالعِلَّة الموجِبةُ لبِنائِها مشابَهَتُها للحُروف ومضارَعَتُها فهذه جملةُ العِلَّة المُوجِبةِ للبِناء وليس تَقَصِّى هذا من غرَضِ هذا الكتاب وانما أوردت هذه العِلَّة لأنها جِنْسٌ عالٍ