فى عِلَل هذا البابِ وأنا أذكُر المبْنِيَّاتِ لأُعَيِّنُها حرْفا حرْفا ان شاء الله تعالى بأوْجزِ ما أقْدِر عليه ليُغْنِىَ الملْتَمِسَ لعِلم المبنيَّات عن كثير من النظَر في كلام النحويين وإطالتِهم في شرح هذا القَبِيل أما حُرُوف المَعانِى فقد قدَّمْت ذكرَها وأنا آخِذٌ الآنَ فيما سِواها من المبنِيَّات أمَّا الأصواتُ فانها تجْرِى على ضربَيْنِ معرِفةٌ ونكِرةٌ والمعرفةُ منها مبنيَّةٌ على السُّكُون الا أن يلتَقِىَ في آخره ساكنانِ فيُحرَّك على قدْرِ ما يستوجِبُه التقاء الساكِنيْنِ فمما جاء منه ساكِنًا ولم يلْتقِ في آخِره ساكنانِ صَهْ ومعناه اسكُتْ ومَهْ ومعناه انْتهِ وكُفَّ وعَدَسْ وحَدَسْ ـ وهو زَجْر للبغْل قال الشاعر
عَدَسْ مالِعَبَّادٍ عليْكِ إمارةٌ |
|
أَمِنْتِ وهذا تَحْمِلينَ طَلِيقُ |
* وما الْتقَى في آخره ساكنانِ فحُرِّك فنحو إيهِ وغاقِ قال الشاعر
وقَفْنا فقُلْنا إيهِ عن أُمِّ سالِمٍ |
|
وما بالُ تَكْلِيم الدِّيارِ البَلَاقِع |
وكان الأصمعى يُخَطِّئ ذا الرَّمةِ في هذا البيتِ ويزعُم أن العربَ لا تقُول الا إيهٍ بالتنوين والنحويُّون البَصْرِيُّون صوَّبوا ذا الرمَّة وقسَّموا إيهٍ على ضربين فقالوا إنما إيهٍ استزادةٌ فاذا استزادُوه منكُورا كان منَوَّنا وكان التنوين علامةً للتنكيرِ غيرَ أن التنوينَ ساكنٌ فتكسر لها الهاءُ واذا كان استزاده مُعرَّفا زال التنوينُ فبقِىَ الحرفُ الاخيرُ ساكنا فالتقى ساكنان في آخرِه فكُسِر الاخيرُ منهما لالتقاء الساكنينِ فاذا نَكَّرت شيئا من الأصواتِ نَوَّنت لعَلامة التنكير ثم كسَرت آخِرَه لسُكونه وسُكُون التنوين كقولهم صَهٍ ومَهٍ وربما لَم يكْسِروا آخِرَه لعِلَّة عارِضةٍ فمن ذلك قولهم إيهًا في الكفِّ أدخَلُوا التنوين للتنكير ثم فتحُوا آخرَه لالتقاء الساكنيْن لئلَّا يلتَبِس بايهٍ الذى هو للاستزادةِ غيْرَ أن هذه الاصواتَ منها ما يستَعْمَل معرِفةً ولا يُنَكَّر كنحو عَدَسْ وتُشُؤْ للحمار اذا دَعَوته ليَشْربَ ومنها ما يستَعمَل نكرةً فقط كنحو إيهًا ووَيْهًا ومنها ما يُستَعمل نكِرةً ومعرِفةً نحو غاقِ وغاقٍ وإيهِ وإيهٍ وكنحو قولهم أُفُّ وأُفَّ وأُفِّ وهى كلمة للضُّجْرة غير منَوَّنه في المعرفة وفي النكرة أُفٌّ وأُفًّا وأُفٍّ فمن قال أُفُّ فضَمَّ أتبع الحركةَ الحركةَ كما تقول مُدُّ ومن قال أُفِّ كسرَ لالتقاءِ الساكنينِ على حَسَب ما يوجِبُه الْتقاءُ الساكنينِ ومن قال أُفَّ فتَح استِثْقالا للتضْعِيف وضمَّةِ الهمزةِ كما تقول مُدَّ يا هذا