ويجعل الثانِىَ عطفا عليه وقد حُكِى نحوٌ من هذا عن العرب قال الراجز
* أنْعَتُ عَشْرا والظَّلِيمُ حادِى*
أراد الظليم حادِى عشَرَ ومن ذلك لعَددُ من واحِدٍ الى عشَرةٍ تقول واحدْ اثنانْ ثلاثهْ أربعهْ بتسكين أواخِر الاعداد الى العشَرة فان قال قائل ولم سُكِّنتْ فالجواب في ذلك أن هذه الأعدادَ اذْ عُدَّ بها لم تقَعْ فاعِلةً ولا مفعولَةً ولا مبتدَأةً ولا خبَرًا ولا في جملةٍ كلامٍ آخرَ والاعراب في أصله للفرْق بين اسمين في كلامٍ واحدٍ أو لفظين مجتمعين في قِصَّة لكل واحدٍ منهما غيرُ معنَى صاحبه ففُرِق بين إعرابَيْهما للدلالة على اختلافِ معناهما أو يكون الاعرابُ لشئ محمولٍ على ما ذكرنا فلما لم تكن هذه الأعداد على الحَدِّ الذى يستوجِب الاعرابَ ولا على الحدّ الذى يُحمَل على ما استوجَب الاعراب سُكِّنَّ وصُيِّرن بمنزلة الاصوات كقولك صَهْ ومَهْ وبَخْ بَخْ ويجوز أن تقولَ واحدِ اثنانِ فتكسر الدالَ من واحِد فان قال قائل لَمِ كُسِرَت الدالُ ألِالْتقاء الساكنين أم أُلقِيَتْ كسرةُ الهمزة على الدال ولا يجوزُ أن تكون الكسرةُ لالتِقاء الساكنين مِن قِبَلِ أنّ كلَّ كَلمِة من هذه القضيَّة يُقضَى عليها بالوقْف واستِئنافِ ما بعدَها كأن لم يتقدَّمْه شئٌ وألفُ القطْع والوصلِ يستوِيَانِ في الابتداء ويَثْبُتانِ ألف اثنان ثابتةٌ اذ كان التقدير فيها أن تكونَ مبتدَأة فهى بمنزلةِ ألفِ القطْع وألِفُ القطع يجوز إلقاء حركتِها على الساكنِ قبْلَها فلذلك كانت الكسرةُ في الدال من واحدِ هى الكسرةُ التى أُلقِيتْ عليها من همزةِ اثنانِ ويدل على صِحَّة هذا أنهم يقولون في هذا اذا حذفُوا الهمزةَ ثلاثَه أربعَهْ فيحذفُون الهمزةَ من أربعةٍ ولا يقلِبُون الهاءَ في ثلاثةٍ تاء من قِبَل أنّ الثلاثةَ عندهم في حُكم الوقْف والأربعةُ فى حكم الكلام المستأنَفِ وإنما تنقلب هذه الهاء تاء اذا وُصِلَت فلما كانت مقدَّرة على الوقف بقِيتْ هاءً وإن أُلْقِيت عليها حركة ما بعدها كما تكونُ هاءً اذا لم يكُنْ بعدها شئٌ فان قال قائل لم قالوا اثْنانْ فأثبتُوا النونَ في العَدَد ومن قولكم انما تدخل النُّونُ عِوَضا من الحركة والتنوينِ وهذا موضع يُسَكَّن فيه العدَدُ فانّ الجواب في ذلك أن اثنان لفظٌ صِيغَ تَثْبُت النونُ على معناه ولم يَقْصِدْ الى لفظ اثْنٍ يضُمُّه الى مثله اذْ كان لا ينطَقُ باثنٍ ولكنَّه لما كان حكم التثنيةِ في الأشياء التى يُنْطَق