عبد الله بن عمر بن الخطاب في الحديث الثالث من المتفق عليه قال : صلى بنا رسول الله " ص " ذات ليلة صلاة العشاء في آخر حياته ، فلما سلم قام فقال : أرأيتكم ليلتكم هذه ، فإن على رأس مائة سنة منها لا يبقى ممن هو على ظهر الأرض أحد (١). هذا لفظ حديث عبد الله بن عمر.
(قال عبد المحمود) : كيف حسن هؤلاء القوم مثل هذا الحديث من عبد الله ابن عمر ، وكيف استجازوا روايته ، ومن المعلوم عندهم أن الخضر وغيره من الذين شهدت أخبارهم بأنهم عمروا من ذلك الوقت أكثر من مائة سنة.
٣٠٣ ـ ومما يدل على أن عبد الله بن عمر قد شهد على نفسه بالطعن فيما يرويه ما ذكره الحميدي في الحديث السابع والخمسين من أفراد البخاري من مسند ابن عمر قال : كنا نتقي الكلام والانبساط إلى نسائنا على عهد النبي " ص " خوفا أن ينزل فينا شئ فلما توفي النبي " ص " تكلمنا وانبسطنا (٢).
٣٠٤ ـ ومما يدل على طعنهم على عبد الله بن عمر وعائشة ما رواه الحميدي في الجمع بين الصحيحين في الحديث الخامس والستين بعد المائة من مسند عائشة من المتفق عليه ، عن عمرة أنها سمعت عائشة وذكر لها أن عبد الله بن عمر يقول : إن الميت ليعذب ببكاء الحي فقالت عائشة : يغفر الله لأبي عبد الرحمن أما إنه لم يكذب ولكنه نسي أو أخطأ ، إنما مر رسول الله " ص " على يهورية يبكى عليها فقال : إنهم ليبكون عليها وإنها لتعذب في قبرها (٣).
(قال عبد المحمود) : هذا حديث لا يخلو من الطعن على عبد الله بن عمر أو عائشة ، وعلى كل حال فإني أعجب من عائشة وإقدامها على الطعن على عبد الله
__________________
(١) رواه مسلم في صحيحه ٤ / ١٩٦٥.
(٢) البخاري في صحيحه : ٦ / ١٤٦.
(٣) رواه مسلم في صحيحه : ٢ / ٦٤٣ ، ومالك في الموطأ : ١ / ١٨٢.