تبن لهذا (١).
٣٢٨ ـ ومن ذلك ما ذكره الحميدي أيضا في بعض الحديث الخامس والأربعين من مسند ابن مالك عن النبي " ص " قال : إن هذه المساجد إنما هي لذكر الله والصلاة وقراءة القرآن.
فمن أنكر إنشاد الضالة في مسجده والحديث في غير ذكر الله ، كيف ينسب إليه الرضا باللعب في المسجد وتفريج زوجته على ذلك.
ومن طرائف هذه الأحاديث أن أبا بكر وعمر ينكران عليه وعلى المغنيات ، وينكر عمر على الحبشة (٢) ، ويستقبحان له ذلك ، فيمنعهما عن الانكار ويستحسن هو لنفسه ولدينه ولزوجته مثل ذلك ، ثم إن كتابهم يتضمن " في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال * رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وأقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار " (٣) فكيف يكون بيوت جعلها الله تعالى للارتفاع وذكر اسمه ، موضعا للمغنيات واللعب واللهو؟ ثم كيف يكون رجال قد وصفهم الله إن التجارة والبيع المباحين لا تلهيهم عن ذكره فكيف يقال عن نبيهم الذي هو سيد هؤلاء الرجال أنه يتلهى عن ذكر الله بسماع المغنيات وتفريج زوجته.
ومن طرائف ذلك أنه يكون أبو بكر وعمر يعتقدان نقص نبيهم محمد " ص " وأنهما أعرف منه بالآداب الدينية والدنيوية حيث أنكرا على المغنيات والحبشة ، وهلا اقتديا به وكان لهما فيه أسوة حسنة؟ فكانا يسكتان كما سكت وحيث لم يسكتا فهلا قالا يا رسول الله ما سبب سكوتك عن الانكار؟ وإن كانا لا يعرفان محل الأنبياء ولا ما يجب من التأدب معهم ، وكانا مثلا يعتقدانه ملكا من الملوك ، فأين الأدب مع الملوك؟ والتلطف في حسن صحبتهم؟
__________________
(١) رواه مسلم في صحيحه : ١ / ٣٩٧.
(٢) راجع صحيح مسلم : ٢ / ٦١٠ حديث : ٨٩٣.
(٣) النور : ٣٦ ـ ٣٧.