وإن كان المقصود من إنكارهما المشورة عليه بترك المغنيات وترك الرضا بذلك ، فكان يليق أن يقولا كما جرت عادة المشير علي من هو أعظم منه ، ولا يبدءا بالإنكار قبل المشورة ، ثم وأين هذا الانكار مما تضمن كتابهم " يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله " (١) أما هذا تقدم بين يدي الله ورسوله وتهجم عليهما واعتقاد لنقص تدبيرهما. والله لقد فضح هؤلاء المسلمون أنفسهم بهذه الروايات وقبحوا ذكر ما بلغوا في وصفه الغايات.
ومن طرائف رواياتهم أيضا عن عائشة ما يخالف فيه أهل بيت نبيهم.
٣٢٩ ـ ما ذكره الحميدي في الحديث الرابع بعد المائة من المتفق عليه من مسند عائشة من حديثها قالت : سحر رسول الله حتى أنه ليخيل إليه أنه فعل الشئ وما فعله ، وفي الحديث المذكور من حديث ابن عيينة قال : ومن طبه يعني سحره؟ قال : لبيد بن الأعصم رجل من زريق حليف اليهود وكان منافقا.
قال الحميدي : عن هشام عن عروة عن أبيه عن عائشة أن النبي " ص " سحر حتى كان يخيل إليه أنه يصنع الشئ ولم يصنعه ، وفي رواية أبي أسامة عن هشام عن عروة عن عائشة مثل هذا أيضا (٢).
(قال عبد المحمود) : كيف استجازوا رواية مثل هذا الحديث؟ وكيف قبلوا شهادة عائشة على نبيهم بمثل ذلك؟ ثم وكيف صححوه وقد رووا في كتبهم أن نبيهم كان مصونا بالألطاف الربانية والعناية الإلهية عن تأثير السحر فيه ، وأيضا فقد رووا عنه " ص " أنه كان يعلم الناس كيف يحرسون أنفسهم من السحر ، فكيف يترك نفسه ويعلم غيره؟ وكيف يقال عنه أنه يقول ما لا يفعل؟ وكيف يمكن الله من سحر أنبيائه الذين يبلغون عنه؟ وما يؤمن أن يقع وهم مسحورون ما ينفر الناس عنهم ويوجب ترك القبول منهم ، وأن يزيدوا في شريعته أو ينقصوا
__________________
(١) الحجرات : ١.
(٢) رواه مسلم في صحيحه : ٤ / ١٧١٩ ـ ١٧٢١ ، والبخاري في صحيحه : ٧ / ٨٨.