ومن طرائف ذلك تعيين أبي بكر على عمر وأبي عبيدة واختياره لهما ثم موافقته لعمر على أن يرجع عنهما ويعتقد الخلافة لنفسه ، فليت شعري حيث اختارهما أما كان يعلم أنهما أصلح لأمة نبيهم " ص " وأقوم بالخلافة منه فإن كان اختارهما لأنهما أصلح للأمة منه فكيف خان الأمة وعدل عنهما وهما أصلح ، وإن كان اختارهما مع أنه يعلم أنه أصلح للأمة منهما فقد خان الله ورسوله والمسلمين كيف اختار لهما غير الأصلح وعدل عن نفسه وقد كان يجب أن يسكت أو يحتج لنفسه بأنه أقوم للخلافة ولا يعين بالخلافة على عمر ولا على أبي عبيدة لأنه على بصيرة من باطنه ولا يعلم بباطن غيره ، فكيف رضوا بهذه المناقضة والاختلاف وشهدوا على خليفتهم بعدم الإنصاف وخيانة الله ورسوله والمسلمين.
ومن طرائف ذلك أن أبا بكر يختار لخلافة المسلمين عمر وأبا عبيدة ، فيرد عمر ومن وافقه على خلافة أبي بكر اختيار أبي بكر ويطعنون على اختياره لهم ويرون اختيارهم له أحسن من اختياره ، فكان طعنهم وردهم الاختيار لهم طعنا عليهم في اختيارهم له ، ويزيد ذلك بيانا إن الذين ذهبوا إلى أن سبب خلافة أبي بكر اختيار السقيفة له يلزمهم أنه إذا بطل اختيار أهل السقيفة أو كان فاسدا أن يفسد خلافة أبي بكر ، وقد أوضحت لك أن اختيارهم له كان خلاف اختياره لهم فكان ذلك مشهودا بسوء اختيارهم له وبسوء اختياره لهم حيث قبل اختيارهم ومبايعتهم له فبطل اختيارهم واختياره وبطل بذلك حكم خلافته ، وهذا واضح لمن اطلع على الحقيقة.
ومن طرائف الأحاديث المذكورة إن الأنصار كرهت ذلك ولم تقنع إلا أن يكون منهم أمير ومن المهاجرين أمير.
ومن طرائف الأحاديث المذكورة أن عمر شهد أنه بايع أبا بكر خوفا من الاختلاف ، ولم يكن ذلك لأنه أحق ممن غاب أو حضر.