تعالى الله عما سلكته المجبرة من سوء المسالك وعظيم المهالك.
ومن طرائف ما يدل على بطلان قول المجبرة ما تضمنه كتابهم في قوله " ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما " (١) فإن كان هو الذي قتل المؤمن وقضاه وقهر عليه فعلى من يغضب ولمن يتهدد ويلعن ، وكذا قوله " فلما آسفونا انتقمنا منهم " (٢) يعني أغضبونا ، فلو كان هو الذي فعل أفعالهم لكان هو الذي أغضب نفسه وإلا فمن أغضبه وآسفه ، فما أقبح قول المجبرة وما أسخفه.
(قال عبد المحمود) : والله أيها المجبرة إني أستقبح لكم أن تجحدوا حقوق الله عليكم وإحسانه إليكم وتتركوا ما يلزمكم من التعظيم لإلهيته وما يجب من العبودية في خدمته ، وتنزهون أنفسكم والشيطان وساداتكم وكبراءكم ومن أضلكم من الجن والإنس والمجرمين وتبرئونهم من الكفر والمعاصي والرذائل وتنسبوها إلى الله جل جلاله ، لا تفعلوا واستحيوا من ربكم وتأدبوا معه وتوبوا إليه من هذا الاعتقاد قبل يوم المعاد فإنه يقبل التوبة عن عباده ويحب
التوابين ، فإنكم على خطر عظيم في الدنيا والدين.
وقد شمت بكم أهل الذمة وسائر من عرف حالكم من أهل الملل الشاهدة لله بالعدل وصرتم مضحكة لهم وزهدتم أعدائكم في الإسلام ، وصاروا يعتذرون إليكم بما ذكرتموه عن الله من كونه يضل عباده ويقولون لكم ما يخلينا ربكم نتبع ما تريدون ونقبل ما تشيرون ، وإذا خلا أهل الذمة وجماعة من أهل العدل في مجالسهم فكثيرا بكم يستهزؤن وعليكم يضحكون. ولله در ابن الحجاج حيث يقول :
__________________
(١) النساء : ٩٣.
(٢) الزخرف : ٥٥.