استغفرت الله تعالى منه فهو منك وكل ما حمدت الله تعالى فهو منه ، فلما وصلت كتبهم إلى الحجاج ووقف عليها قال : لقد أخذوها من عين صافية ، مع ما كان عند الحجاج معه من العداوة والأمور الواهية.
ومن الحكايات المشار إليها ما روي أن رجلا سأل جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام عن القضاء والقدر فقال : ما استطعت أن تلوم العبد عليه فهو منه ولم تستطع أن تلوم العبد عليه فهو من فعل الله ، يقول الله تعالى للعبد : لم عصيت؟ لم فسقت : لم شربت الخمر؟ لم زنيت؟ فهذا فعل العبد ، ولا يقول له : لم مرضت ، لم علوت؟ لم قصرت؟ لم ابيضضت؟ لم اسوددت؟ لأنه من فعل الله تعالى (١).
ومن الحكايات أيضا ما روي أن الفضل بن سهل سأل علي بن موسى الرضا عليه السلام بين يدي المأمون فقال : يا أبا الحسن الخلق مجبورون؟ فقال : الله أعدل من أن يجبر خلقه ثم يعذبهم ، قال : فمطلقون؟ قال : الله أحكم من أن يهمل عبده ويكله إلى نفسه (٢).
ومن الحكايات أيضا ما روي أنه قيل للمجبرة نرى الله تعالى قد استعظم في القرآن قول المشركين والكافرين فقال " تكاد السماوات يتفطرن وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا " (٣) ونحو ذلك مما استعظمه في الكتاب العزيز الذي لا يستطيع الجبرية له دفعا ولا ردا ، فإذا كان كل فعل وقول وقع منه وصدر عنه فكيف تقبل العقول السليمة والأذهان المستقيمة إنه جل جلاله يستعظم فعل نفسه على صورة الانكار والاستكبار ويبلغ إلى هذه الغاية من الاستعظام والاستكبار فلم يكن لأحدهم جوابا.
__________________
(١ ـ ٢) البحار : ٥ / ٥٩.
(٣) مريم : ٩٠.