ومن الحكاية في ذلك ما روي أن بعض أهل العدل وقف على جماعة من المجبرة فقال لهم ما معناه هذا : أنا ما أعرف المجادلة والإطالة ، لكني أسمع في القرآن قوله تعالى " كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله " (١) ومفهوم هذا الكلام عند كل عاقل أن الموقد للنار غير الله تعالى وأن المطفئ لها هو الله ، فكيف تقبل العقول أن الكل منه؟ وأن الموقد هو المطفئ لها. فانقطعوا ولم يردوا جوابا. ومن الحكايات أيضا أنه قيل للمجبرة : إننا نرى الله تعالى يقول " قد أفلح من زكها * وقد خاب من دسيها " من هذا الشخص الذي يكون مصداقا لقوله قد خاب؟ فما كان له جواب.
ومن الحكايات المأثورة ما يقال أن بعض أهل العدل اجتاز على بعض المجبرة والعدلي راكب ، فقال له الجبري : انزل حتى أسألك مسألة ، فقال له العدلي : أفتقدر أن تسألني؟ قال : لا. قال : أفأقدر أن أسألك أو أجيبك؟ قال لا. قال : فكيف يطلب نزولي من لا يقدر على سؤالي ولا أقدر على نزولي عنده ولا جوابه ، فانقطع الجبري.
ومن الحكايات المأثورة أن عدليا قال لمجبر : ممن الحق؟ قال : من الله فقال له : فمن هو المحق. قال : هو الله. قال له : فممن الباطل؟ قال : من الله. قال : فمن هو المبطل؟ فانقطع الجبري ولم يقدر على أن يقول إن الله تعالى هو المبطل ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ، فكان يلزمه ذلك على رأي المجبرة.
ومن الحكايات المأثورة أن مجبرا وعدليا اجتمعا للمناظرة وجعلا بينهما حكما ، فقال العدلي للجبري : هل من شئ غير الله وما خلق؟ قال الجبري : لا. قال العدلي : فهل يعذب الكفار والعصاة على أنه خلقهم. قال الجبري : لا. قال : يعذبهم على أنه ما خلقهم؟ قال : لا. قال : فعلا م يعذبهم؟ قال :
__________________
(١) المائدة : ٦٤.