بسوء حتى أنهم لو علموا أن رجلا ذكر عن أبي بكر وعمر وأمثالهم نقصا أو روى لهم عيبا أو يلعنهم أو غلب على ظنهم أن أحدا نسب إلى أحد هؤلاء الصحابة خطيئة فإنهم يضللون القائل والناقل والمستمع ، ويبيح كثير منهم دم من يعتقد ذلك.
فمن اعتقاداتهم في ذلك ما ذكره أبو إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري الهروي وهو من علماء الأربعة المذاهب في كتاب الاعتقاد ما هذا لفظه : إن الصحابة كلهم عدول رجالهم ونسائهم ، ثم قال عقيب ذلك : فمن تكلم فيهم بتهمة أو تكذيب فقد توثب على الإسلام بالإبطال.
ومن ذلك ما ذكره الغزالي في كتاب الإحياء في قواعد العقائد في الأصل التاسع قال : واعتقاد أهل السنة تزكية جميع الصحابة (١).
(قال عبد المحمود) : سأذكر لك طرفا من ذمهم للصحابة فيما بعد إن شاء الله تعالى ، ثم يا لله أما يجرون أحد الصحابة مجرى أحد الأنبياء ، كيف سهل عليهم ذم بعض الأنبياء وخاصة نبيهم الذي عندهم أكملهم ، وعظم عندهم ذم بعض الصحابة وقالوا كلهم عدول ، ثم كيف يجوز أن يرغب عاقل في دين قوم هذه رواياتهم وعقائدهم وهذه مقالاتهم عن نبيهم المشفق عليهم المحسن إليهم.
ومن طريف ما سمعت عن جماعة منهم بل رأيت أنهم يرجحون أهل الذمة على فرقة من المسلمين يسمونها الرافضة ، ومودتهم لأهل الذمة أكثر من مودتهم لهذه الفرقة لأنهم يعتقدون في هذه الفرقة أنها تعتقد بخطيئة بعض الصحابة أو ضلال بعضهم.
وهذا من طرائف هؤلاء وفضائحهم وسوء توفيقهم ، لأن هذه الفرقة المسماة عندهم بالرافضة أقصى ما رأيت منهم وسمعت عنهم ما حكيت من اعتقادهم لضلال بعض الصحابة ، وقد كان الصحابة يضلل بعضهم بعضا في حياتهم وقد
__________________
(١) إحياء علوم الدين : ١ / ٩٣.