وروى الحميدي في الجمع بين الصحيحين في الحديث الثاني والسبعين من المتفق عليه من مسند عائشة قال : كانت عائشة تحدث إن النبي " ص " قال بعد ما دخل بيتي واشتد وجعه : أهريقوا علي من سبع قرب لم تحل أوكيتهن لعلي أن أعهد إلى الناس ، فأجلسناه في مخضب لحفصة زوجة النبي " ص " ثم طفقنا نصب عليه من تلك القرب حتى طفق يشير إلينا أن قد فعلتن. قالت : ثم خرج إلى الناس فصلى بهم وخطبهم.
(قال عبد المحمود) : ومع هذا كله فإن الأربعة المذاهب كابروا وباهتوا وقالوا إن نبيهم ما أوصى بهم ، وإنه ترك أمته جميعا بغير وصية منه فيهم ، ولا اختار لهم أحدا يقوم مقامه ، ولا قال لهم اختاروا أنتم ، وأنه تركهم حتى اختلفوا بعده ، واختلط أمورهم غاية الاختلال وشهد بعضهم على بعض بالضلال.
(قال عبد المحمود) : لقد ركب القائلون بذلك مركبا عظيما من البهتان لا يجوز أن يستحسنه أحد من أهل العقول والأديان ، فإنه لو لم يصفوه بما وصفوه من الشفقة عليهم والإحسان إليهم ولا رووا ما رووا من وصاياه وكانوا لا يعرفون على الجملة ما جرت الحال عليه ، وجب أن يعتقدوا أنه أوصى وأنه لا يجوز وصفه أنه مات بغير وصية وقبل تعيين من يقوم مقامه سواء كان نبيا أو ملكا من الملوك ، فإننا ما عرفنا وما سمعنا أن نبيا قبله مات بغير وصية ، وما مات نبي إلا بعد أن عين على من يقوم مقامه ، وكذلك الملوك إذا لم يحل بينهم وبين وصيتهم حائل ، فكيف أقدموا على تقبيح ذكر نبيهم؟ ووصفوه بأنه ترك ما شهد بوجوبه كافة الأنبياء وأعقل العقلاء.
لا سيما وقد ذكروا عنه أنه ما مات فجأة وما مات إلا بعد أن ظهر له ولهم أنه يموت في ذلك المرض ، وقد كان يجب عليهم في حكم الوفاء له أنه إذا