(قال عبد المحمود) : انظر كيف شهدوا على هذا الصحابي بالمخالفة لرسولهم فيما لا يدخل عليه به ضرر بل فيه منفعة ، ثم اعتبر بذلك كيف كان الإقدام من الصحابة على مخالفة نبيهم لا يضر فكيف لا يخالفونه في الخلافة والملك العقيم.
ومن ذلك ما رواه الحميدي أيضا في كتابه المذكور في الحديث الرابع بعد المائتين من المتفق عليه من مسند أبي هريرة من حديث مالك عن أبي الزياد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله " ص " قال : والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر أن يجمعوا حطبا ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها ثم آمر رجلا يؤم الناس ثم أخالف إلى رجال يتخلفون عنها فأحرق عليهم بيوتهم ، والذي نفسي بيده لو يعلم أحدهم أنه يجد عرقا سمينا ما تأخر أن يشهد معنا العشاء(١).
(قال عبد المحمود) : انظر إلى ما في هذا الحديث من بلوغ ذم نبيهم لجماعة من أصحابه إلى هذه الغاية ، ثم تعجب من مخالفتهم له في هذا الأمر اليسير من الصلاة معه جماعة حتى بلغ الغضب من الله ومنه إلى هذا الحد ، فكيف يستبعد من هؤلاء المخالفة بعد الوفاة.
ومن ذلك ما رواه الحميدي أيضا في الجمع بين الصحيحين في مسند حذيفة بن اليمان في الحديث السادس عشر عن يزيد بن زيد قال : كنا حذيفة فقال رجل : لو أدركت رسول الله " ص " قاتلت معه وأبليت. فقال حذيفة : أنت كنت تفعل ذلك؟ لقد رايتنا مع رسول الله ليلة الأحزاب وأخذتنا ريح شديدة وقر ، فقال رسول الله : ألا رجل يأتيني بخبر القوم جعله الله معي يوم القيامة؟ فسكتنا فلم يجبه منا أحد. ثم قال : ألا رجل يأتينا بخبر القوم جعله
__________________
(١) رواه مسلم في صحيحه : ١ / ٤٥١.