يعين على من يقوم مقامه في أمته ، وإن صلحاء الأمة وخيارهم يختارون من يقوم مقام نبيهم بتعيينهم ، وما أدري كيف استحسنوا لأنفسهم ودينهم ذلك مع تضمنه كتابهم وأخبارهم من كون جماعة من الأنبياء الذين ينظرون بنور النبوة وبصيرة الرسالة والمكاشفة الإلهية والمخالطة للملائكة ، ومع هذا كله فإنهم اختاروا رجالا من قومهم بعد الاختبار والتجربة والصحبة ، فظهر ضرر لهم اختيارهم وإن الصواب كان في خلاف اختيارهم.
فمنهم يعقوب عليه السلام اختار أولاده لحفظ ولده يوسف عليه السلام فظهر له ضرر اختياره.
ومن ذلك موسى عليه السلام أختار قومه وهم ألوف سبعين رجلا لميقات ربه فلما حضروا معه قالوا : أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة ، وبلغ حالهم إلى أن ظهر له أنهم سفهاء فقال موسى عليه السلام : أفتهلكنا بما فعل السفهاء منا.
ومن ذلك أن نبيهم اختار خالد بن الوليد ونفذه إلى بني جذيمة ليصلح أمرهم فقتلهم وأسرهم ، وقتل فيهم بأحقاد كانت بينه وبينهم في الجاهلية ، حتى بعث نبيهم علي بن أبي طالب عليه السلام فاستدرك ما فعل خالد وأرضاهم ، وقال نبيهم : اللهم إني أبرئ مما فعل خالد.
وقد روى حديث خالد الحميدي في الجمع بين الصحيحين في الحديث الثالث من أفراد البخاري من مسند ابن عمر قال : بعث رسول الله " ص " خالد ابن الوليد إلى بني جذيمة ، فدعاهم إلى الإسلام فلم يحسنوا أن يقولوا أسلمنا ، فجعلوا يقولون صبانا صبانا ، فجعل خالد يقتل منهم ويأسر ، ودفع إلى كل رجل منا أسيره حتى إذا كان يوم أمر خالد أن يقتل كل رجل منا أسيره ، فقلت والله لا أقتل أسيري ولا يقتل رجل من أصحابي أسيره ، حتى قدمنا على رسول الله " ص " فذكرناه له فرفع يديه فقال : اللهم إني أبرئ إليك مما صنع خالد